إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا ابن أختي هي اليتيمة تكون في حجر وليها تشاركه في ماله

          2494- وبه قال: (حَدَّثَنَا الأُوَيْسِيُّ) بضمِّ الهمزة وفتح الواو وسكون التَّحتيَّة وكسر المُهمَلة، ولغير أبي ذرٍّ: ”حدَّثنا عبد العزيز بن عبد الله، العامريُّ الأويسيُّ“ قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ) هو ابن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ، القرشيُّ الزُّهريُّ (عَنْ صَالِحٍ) هو ابن كيسان (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريِّ، أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عُرْوَةُ) بن الزُّبير بن العوَّام (أَنَّهُ سَأَلَ) خالته (عَائِشَةَ ♦ ، وَقَالَ اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام، ممَّا وصله الطَّبريُّ في «تفسيره»: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (يُونُسُ) بن يزيد الأيليُّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ، أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ) بن العوَّام(1)، أمُّه أسماء بنت أبي بكرٍ الصِّدِّيق(2) (أَنَّهُ سَأَلَ) خالته(3) (عَائِشَةَ ♦ عَنْ) معنى (قَوْلِ اللهِ تَعَالَى) في سورة النساء: (▬فَإِنْ خِفْتُمْ↨) بالفاء في الفرع، وفي النُّسخة المقروءة على الشَّرف الميدوميِّ: ”{وَإِنْ خِفْتُمْ}“ بالواو ({أَلاَّ تُقْسِطُواْ}) تعدلوا (إِلَى) قوله: ({وَرُبَاعَ}[النساء:3]) وسقط لغير أبي الوقت «ألَّا تقسطوا» (فَقَالَتْ) أي: عائشة، ولأبي الوقت: ”قالت“ : (يَا ابْنَ أُخْتِي هِيَ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا) القائم بأمورها، زاد في «تفسير سورة النِّساء» [خ¦4600] من رواية أبي أسامة: ووارثُها (تُشَارِكُهُ فِي مَالِهِ) زاد أبو أسامة أيضًا: حتَّى في العَذْق (فَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا) التي هي تحت حجره (أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ) أن يعدل (فِي صَدَاقِهَا) في «النِّكاح» [خ¦5140] من(4) رواية عُقَيلٍ عن ابن شهابٍ: ويريد أن ينتقص من صَدَاقها (فَيُعْطِيهَا) بالنَّصب عطفًا على معمول «بغير أن»، أي: يريد أن يتزوَّجها بغير أن يعطيها (مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا) بضمِّ النُّون والهاء على وزن «فُعُوا» بحذف لام الفعل؛ لأنَّ الأصل: «نُهِيوا» فنُقِلت(5) ضمَّة الياء إلى الهاء، فالتقى ساكنان‼، فحُذِفت الياء (أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ) أي: طريقتهنَّ (مِنَ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ).
          (قَالَ عُرْوَةُ) بن الزُّبير بالسَّند السَّابق: (قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللهِ صلعم ) طلبوا منه الفتيا في أمر النِّساء (بَعْدَ) نزول (هَذِهِ الآيَةِ) وهي {وَإِنْ خِفْتُمْ} إلى {وَرُبَاعَ} (فَأَنْزَلَ اللهُ) ╡ ({وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء} إِلَى قَوْلِهِ: {وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ}[النساء:127]) في أن تنكحوهنَّ، أو عن أن تنكحوهنَّ (وَالَّذِي ذَكَرَ اللهُ أَنَّهُ(6) يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ الآيَةُ الأُولَى الَّتِي قَالَ) تعالى (فِيهَا: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى}) أي: إن خفتم أَلَّا تعدلوا في يتامى النِّساء إذا تزوَّجتم بهنَّ ({فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء}[النساء:3]) من غيرهنَّ (قَالَتْ عَائِشَةُ: وَقَوْلُ اللهِ فِي الآيَةِ الأُخْرَى: {وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ} هِيَ رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ) ولغير أبوي ذرٍّ والوقت: ”يعني: هي(7) رغبة أحدكم“ (لِيَتِيمَتِهِ) التي في حجره، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: ”يتيمته“ بإسقاط اللَّام، وللكُشْمِيْهَنِيِّ والحَمُّويي والمُستملي: ”عن يتيمته“ (8) (الَّتِي تَكُونُ فِي حَجْرِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ المَالِ وَالجَمَالِ) قال ابن حجرٍ: ولعلَّ روايةَ: ”عن“ أصوبُ، وقد تبيَّن أنَّ أولياء اليتامى كانوا يرغبون فيهنَّ إن كنَّ جميلاتٍ ويأكلون أموالهنَّ(9)، وإِلَّا يعضلوهنَّ(10) طمعًا في ميراثهنَّ (فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا) أي: التي (رَغِبُوا فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا مِنْ يَتَامَى النِّسَاءِ إِلَّا بِالقِسْطِ) بالعدل (مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ) لقلَّة مالهنَّ وجمالهنَّ، فينبغي أن يكون نكاح اليتيمتين على السَّواء في العدل، وفي الحديث: أنَّ للوليِّ أن يتزوَّج من هي تحت حجره، لكن يكون العاقد غيره، وسيأتي البحث فيه مع غيره إن شاء الله تعالى في «كتاب النِّكاح» [خ¦5092] [خ¦5140] وغيره.
          وقد أخرجه أيضًا في «الأحكام» [خ¦6965] و«الشَّركة» [خ¦2763]، ومسلمٌ في «التَّفسير»، وأخرجه أبو داود في «النِّكاح» وكذا النَّسائيُّ.


[1] «بن العوَّام»: مثبتٌ من (د).
[2] «الصِّدِّيق»: ليس في (د).
[3] «خالته»: مثبتٌ من (د).
[4] في (ب): «في».
[5] في (د1) و(ص) و(ل) و(م): «فقُلِبت».
[6] في (ص): «أن»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[7] «هي»: ليس في (م).
[8] الذي في «اليونينية» أنَّ رواية أبي ذر عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: «أحدكم عَنْ يَتِيمَتِهِ»، وفي روايته عن الحَمُّويِي والمستملي: «أحدكم يتيمَتَهُ».
[9] في (د1) و(ص) و(م): «ما لهنَّ».
[10] في (ص): «يعضلوا».