إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من أعتق شقصًا له من عبد ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل

          2491- وبه قال: (حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ) بفتح الميم وسكون المُثنَّاة التَّحتيَّة، أبو الحسن البصريُّ الأدميُّ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) بن سعيدٍ العنبريُّ التَّنُّوريُّ _بفتح المُثنَّاة الفوقيَّة وتشديد النُّون_ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ) بن أبي تميمة، السَّختيانيُّ (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (عَنِ ابْنِ عُمَرَ ☻ ) أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا) بكسر الشِّين المعجمة: نصيبًا (لَهُ) قليلًا كان أو كثيرًا (مِنْ عَبْدٍ) أي: ذكرٍ أو أنثى، قال تعالى: {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}[مريم:93] فإنَّه يتناول الذَّكر والأنثى قطعًا (أَوْ) قال: (شِرْكًا) بكسر الشِّين أيضًا (أَوْ قَالَ: نَصِيبًا) من عبدٍ مُشتَركٍ بينه وبين آخر (وَكَانَ لَهُ) أي: الذي أعتق (مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ) أي: ثمن بقيَّة العبد، أمَّا حصَّته فهو موسرٌ بها لملكه لها، فتُعتَق على كلِّ حالٍ، قال أصحابنا وغيرهم: ويُصرَف في ثمن بقيَّة العبد جميع ما يُباع في الدَّين، فيُباع مسكنه وخادمه وكلُّ ما فضل عن قوت يومه(1) وقوت من تلزمه نفقته، ودَسْتِ ثوبٍ يلبسه وسكنى يومه(2)، والمرادُ بالثَّمن هنا القيمةُ؛ لأنَّ‼ الثَّمن ما اشتريت به العين، واللَّازم هنا القيمة لا الثَّمن، ويأتي _إن شاء الله تعالى_ في رواية أيُّوب في «كتاب العتق» [خ¦2524] بلفظ: «ما يَبْلُغُ قيمتَه» (بِقِيمَةِ العَدْلِ) بفتح العين، من غير زيادةٍ ولا نقصٍ (فَهْوَ عَتِيقٌ) أي: مُعتَقٌ(3) كلُّه؛ بعضه بالإعتاق وبعضه بالسِّراية، ويُقاس الموسر ببعض الباقي على الموسر بكلِّه في السِّراية إليه(4)، وقيل: لا يسري إليه اقتصارًا على الوارد في الحديث (وَإِلَّا) أي: وإن لم يكن له مالٌ يبلغ ثمنه (فَقَدْ عَتَقَ) وللحَمُّويي والمُستملي: ”فأُعتِق“ (مِنْهُ) أي: من العبد (مَا عَتَقَ) أي: المقدار الذي عتقه فقط، وعَيْنُ «عَتَقَ» في الموضعين مفتوحةٌ، ولأبي ذرٍّ: ”عُتِق“ بضمِّها وكسر(5) الفوقيَّة، وجوَّزه الدَّاوديُّ، وتعقَّبه السَّفاقسيُّ: بأنَّه لم يقله غيره، وإنَّما يُقال: «عَتَقَ» بالفتح، و«أُعتِق» بضمِّ الهمزة، ولا يُعرَف «عُتِق» بضمِّ العين؛ لأنَّ الفعل لازمٌ غير متعدٍّ.
          (قَالَ) أي: أيُّوب، كما في «باب إذا أَعْتَقَ عبدًا بين اثنين» من «كتاب العتق» [خ¦2524]: (لَا أَدْرِي قَوْلُهُ) بالرَّفع: («عَتَقَ(6) مِنْهُ مَا عَتَقَ» قَوْلٌ مِنْ نَافِعٍ) فيكون منقطعًا مقطوعًا (أَوْ فِي الحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) فيكون موصولًا مرفوعًا، وفي هذا بحثٌ يأتي إن شاء الله تعالى مع بقيَّة مباحث الحديث في «كتاب العتق».
          ومطابقته للتَّرجمة(7) ظاهرةٌ، وأخرجه أيضًا في «العتق»(8) [خ¦2522]، ومسلمٌ في «النُّذور» و«العتق»، وأبو داود في «العتق»، والتِّرمذيُّ في «الأحكام»، والنَّسائيُّ في «البيوع».


[1] في (د): «عن قوته».
[2] قوله: «فيُباع مسكنه وخادمه... يلبسه وسكنى يومه» سقط من (د1) و(ص) و(م).
[3] في غير (ب) و(س): «معتوقٌ»، والمثبت موافقٌ لما في «المعاجم».
[4] ضُرِب في (د) على «إليه».
[5] في (د1) و(ص): «بضمِّ العين وكسر التَّاء».
[6] قوله: «قَالَ، أي: أيُّوب؛... قَوْلُهُ بالرَّفع، عَتَقَ» جاء في (د) و(ص): بعد قوله: «الموضعين مفتوحةٌ» السَّابق.
[7] في (د): «ومطابقة التَّرجمة».
[8] في (م): «الفتن»، وهو تحريفٌ.