إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: هي لك أو لأخيك أو للذئب

          2372- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) هو ابن أبي أويسٍ قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي الوقت: ”حدَّثني“ بالإفراد (مَالِكٌ) هو ابن أنسٍ الإمام (عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) هو المشهور(1) بربيعة الرَّأي (عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ) بضمِّ الميم وسكون النُّون وفتح المُوحَّدة وكسر العين المهملة بعدها مُثلَّثةٌ، المدنيِّ (عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ) ولأبي ذرٍّ زيادة: ”الجهنيِّ“ ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ) قال في «المقدِّمة»: هو عميرٌ أبو مالكٍ كما رواه الإسماعيليُّ، وأبو موسى المدينيُّ في «الذَّيل» من طريقه، وفي «الأوسط» للطَّبرانيِّ من طريق ابن لهيعة عن عمارة بن غزيَّة عن ربيعة عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالدٍ أنَّه قال: سألت، وفي رواية سفيان الثَّوريِّ عن ربيعة عند المصنِّف [خ¦2427]: جاء أعرابيٌّ، وذكر ابن بشكوال: أنَّه بلالٌ، وتُعقِّب بأنَّه لا يُقال له: أعرابيٌّ، ولكنَّ الحديث في «أبي داود»، وفي روايةٍ صحيحةٍ: جئت أنا ورجلٌ معي، فيُفسَّر الأعرابيُّ بعميرٍ أبي مالكٍ، ويُحمَل على أنَّه وزيد بن خالدٍ جميعًا سألا عن ذلك وكذلك بلالٌ، ثمَّ(2) وجدت في «مُعجَم» البغويِّ وغيره من طريق عقبة بن سويدٍ الجهنيِّ عن أبيه قال: سألت رسول الله صلعم عن اللُّقطة، فقال: «عرِّفها سنةً...» الحديث، وسنده جيِّدٌ، وهو أولى ما(3) فُسِّر به(4) المبهم الذي في الصَّحيح. انتهى. (إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ، فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَـْطَةِ) بضمِّ اللَّام وفتح القاف، لا يعرف المحدِّثون غيره، ويجوز إسكانها، وهي لغةً: الشَّيء الملقوط، وشرعًا: ما وُجِد من حقٍّ ضائعٍ محترمٍ غير محرزٍ ولا ممتنعٍ(5) بقوَّته (فَقَالَ) ╕ له: (اعْرِفْ عِفَاصَهَا) بكسر العين المهملة وبالفاء والصَّاد المهملة: الوعاء التي(6) تكون فيه (وَوِكَاءَهَا) بكسر الواو والمدِّ: الخيط الذي يُشَدُّ به الوعاء، ومعنى الأمر بمعرفة ذلك: حتَّى يعرف بذلك صدق واصفها وكذبه، وألَّا يختلط بماله (ثُمَّ / عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا) قبل فراغ التَّعريف أو بعده وهي باقيةٌ، وجواب الشَّرط محذوفٌ للعلم به، أي: فردَّها إليه (وَإِلَّا) بأن لم يجئ صاحبها (فَشَأْنَكَ بِهَا) أي: تملكها، و«شأنَ» نُصِب على أنَّه مفعولٌ بفعلٍ محذوفٍ، وفي «كتاب العلم» [خ¦91]: «ثمَّ عرِّفها سنةً، ثمَّ استمتع بها، فإن جاء ربُّها فأدِّها إليه» (قَالَ) أي: الرَّجل: (فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ قَالَ) ╕ : (هِيَ لَكَ) إن أخذتها وعرَّفتها ولم تجد صاحبها (أَوْ لأَخِيكَ) صاحبها إن جاء (أَوْ لِلذِّئْبِ) يأكلها إن تركتها ولم يجئ صاحبها (قَالَ) الرَّجل: (فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟) مبتدأٌ حُذِف خبره، أي: ما حكمها؟ (قَالَ) ╕ : (مَا لَكَ وَلَهَا) استفهامٌ إنكاريٌّ، أي: ما لك وأخذها والحال أنَّها (مَعَهَا سِقَاؤُهَا) بكسر السِّين والمدِّ، أي: جوفها، فإذا وردت الماء شربت ما يكفيها حتَّى ترد ماءً آخر، أو المراد بالسِّقاء: العنق؛ لأنَّها ترد الماء وتشرب من غير ساق يسقيها، أو أراد أنَّها أجلد البهائم على العطش (وَحِذَاؤُهَا) بكسر الحاء المهملة وبالذَّال المعجمة والمدِّ(7)، أي(8)‼: خفُّها (تَرِدُ المَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ) فهي تقوى بأخفافها على السَّير وقطع البلاد الشَّاسعة وورود المياه النَّائية، فشبَّهها النَّبيُّ(9) صلعم بمن كان معه سِقاءٌ وحِذاءٌ في سفره، وهذا موضع التَّرجمة (حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا) أي: مالكها، والمراد بهذا: النَّهيُ عن التَّعرُّض لها؛ لأنَّ الأخذ إنَّما هو للحفظ على صاحبها؛ إمَّا بحفظ العين، أو بحفظ القيمة، وهذه لا تحتاج إلى حفظٍ بما خلق الله تعالى فيها من القوَّة والمنعة، وما يُسِّر(10) لها من الأكل والشّرب.
          وهذه الحديث قد سبق في «باب الغضب في الموعظة» [خ¦91] من «كتاب العلم».


[1] في (د): «الشَّهير».
[2] في (ب) و(س): «نعم».
[3] في (م): «لمَّا».
[4] «به»: ليس في (د).
[5] في (د) و(د1) و(م): «يمتنع».
[6] في (ب) و(س): «الذي».
[7] في (د): «وبالمدِّ».
[8] «أي»: ليس في (د).
[9] «النَّبيُّ»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[10] في (د): «يُسيِّر».