إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا غلام أتأذن لي أن أعطي الأشياخ

          2366- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) بن سعيدٍ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ) أبيه (أَبِي حَازِمٍ) سلمة بن دينارٍ المدنيِّ (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) السَّاعديِّ الأنصاريِّ الخزرجيِّ، المُتوفَّى سنة ثمانٍ وثمانين أو بعدها، وقد جاوز المئة ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) بضمِّ الهمزة مبنيًّا للمفعول (بِقَدَحٍ) فيه ماءٌ (فَشَرِبَ) زاد في «باب الشُّرب» [خ¦2351]: منه (وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ، هُوَ) ولأبي ذرٍّ: ”وهو“ (أَحْدَثُ القَوْمِ) سنًّا، وكان مولده(1) قبل الهجرة بثلاث سنين ☺ (وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ) صلعم ، وكان فيهم خالد بن الوليد (قَالَ) ╕ ، ولأبي الوقت: ”فقال“ أي: لابن عبَّاسٍ: (يَا غُلَامُ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ / أُعْطِيَ الأَشْيَاخَ؟) القدح ليشربوا (فَقَالَ) ابن عبَّاسٍ: (مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَعْطَاهُ) ╕ (إِيَّاهُ) قال المُهلَّب: لا مناسبة بين الحديث والتَّرجمة، إذ لا دلالة فيه على أنَّ صاحب الماء أحقُّ به، وإنَّما فيه أنَّ الأيمنَ أحقُّ، وأجاب ابن المنيِّر: بأنَّ استدلال البخاريِّ ألطف من ذلك؛ لأنَّه إذا استحقَّه الأيمنُ بالجلوس واختصَّ به، فكيف لا يختصُّ به صاحب اليد المتسبِّب في تحصيله؟ وتعقَّبه العينيُّ فقال: فيه نظرٌ؛ لأنَّ الفرق ظاهرٌ بين الاستحقاقين، فاستحقاق الأيمن(2) غير لازمٍ حتَّى إذا مُنِعَ ليس له الطَّلب الشَّرعيُّ بخلاف صاحب اليد، وأجاب في «فتح الباري»: بأنَّ مناسبته من حيث إلحاق الحوض والقربة بالقدح، فكان صاحب القدح أحقَّ بالتَّصرُّف فيه شربًا وسقيًا، وتعقَّبه في «عمدة القاري» فقال: إن كان مراده بالقياس(3) عليه فغير صحيحٍ لِمَا تقدَّم، وإن كان مراده من الإلحاق أنَّ صاحب القدح مثل صاحب القربة في الحكم فليس كذلك على ما لا يخفى، قال: وقوله: «فكان صاحب القدح أحقَّ بالتَّصرُّف فيه شربًا وسقيًا» لا يخلو أن يقرأ قوله: «فكأنَّ» بكاف التَّشبيه دخلت على «أَنَّ» بفتح الهمزة، أو «كان» بلفظ الماضي من الأفعال النَّاقصة، وأيًّا ما كان ففساده ظاهرٌ يُعرَف بالتَّأمُّل، لكن قد يُقال: إنَّ صاحب الحوض مثل صاحب القدح في مُجرَّد الاستحقاق، مع قطع النَّظر عن اللُّزوم وعدمه. انتهى.
          وهذا الحديث قد مرَّ في «باب الشُّرب» [خ¦2351].


[1] الهاء عائدة على ابن عباس بدليل ما سيأتي بعد قليل.
[2] في (د): «الأوَّل».
[3] في (ب) و(س): «القياس».