إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به فضل الكلإ

          2354- وبه قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) هو يحيى بن عبد الله بن بكيرٍ قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (عَنْ عُقَيْلٍ) بضمِّ العين، ابن خالدٍ الأيليِّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريِّ (عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ) سعيدٍ (وَأَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ الزُّهريِّ المدنيِّ، اسمه عبد الله أو إسماعيل، كلاهما (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ المَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ فَضْلَ الكَلأ) والمنهيُّ عنه منع الفضل لا منع الأصل، وهل يجب عليه بذل الفاضل عن حاجته(1) لزرع غيره؟ الصَّحيح عند الشَّافعيَّة، وبه قال الحنفيَّة: لا يجب، وقال المالكيَّة: يجب عليه إذا خشي عليه الهلاك، ولم يضرَّ ذلك بصاحب الماء، قال الأُبّيُّ أبو عبد الله: والحديث حجَّةٌ لنا في القول بسدِّ الذَّرائع؛ لأنَّه إنَّما نهى عن منع فضل الماء؛ لِما يؤدِّي إليه من منع الكلأ. انتهى. وقد ورد التَّصريح في بعض طرق الحديث بالنَّهي عن منع الكلأ، صحَّحه ابن حبَّان من رواية أبي سعيدٍ مولى بني غفارٍ عن أبي هريرة ولفظه: «لا تمنعوا فضل الماء ولا تمنعوا الكلأ، فيهزلَ المال، ويجوعَ العيال» وهو محمولٌ على غير المملوك، وهو الكلأ النَّابت في الموات، فمنعه مجرَّد ظلمٍ؛ إذ النَّاس فيه سواءٌ، أمَّا الكلأ النَّابت في أرضه المملوكة له بالإحياء فمذهب الشَّافعيَّة جواز بيعه، وفيه خلافٌ عند المالكيَّة، صحَّح ابن العربيِّ الجواز.


[1] في (م): «صاحبه»، ولعلَّه تحريفٌ.