إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوسًا

          1215- وبه قال: (حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيِرٍ) بالمثلَّثة، العبديُّ البصريُّ قال: (أخبرنا سُفْيانُ) الثَّوريُّ (عَنْ أَبِيْ حَازِمٍ) بالحاء المهملة والزَّاي، سلمة بن دينارٍ (عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ) بإسكان الهاء والعين / ، السَّاعديِّ ( ☺ قال: كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ مَعَ النَّبيِّ صلعم وَهُمْ عَاقِدُو) بالواو، ولأبي الوقت: ”عاقدي“ أي: وهم كانوا عاقدي (أُزُرِهِمْ) بضمَّتين، جمع إزار، وهو الملحفة، وفي الفرع «أزْرهم» بسكون الزَّاي(1) (مِنَ الصِّغَرِ) أي: من صغر أُزُرهم (عَلَى رِقَابِهِمْ) فكان أحدهم يعقد إزاره على رقبته، وكان هذا في أوَّل الإسلام حين قلَّة ذات اليد (فَقِيلَ لِلنِّسَاءِ) إذ كنَّ متأخِّرات عن صفِّ الرِّجال قبل أن يدخلن في الصَّلاة؛ ليدخلن فيها على علمٍ، أو وهُنَّ فيها كما يقتضيه التَّعبير بفاء العطف في قوله: «فقيل للنِّساء»: (لَا تَرْفَعْنَ رُؤُوْسَكُنَّ) من السُّجود (حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ) حال كونهم (جُلُوسًا) لِمَا عُرِفَ من ضيق أُزُر الرِّجال؛ لئلَّا تقع أعينهنَّ على عوراتهم، واستُنبِطَ منه: التَّنبيه على جواز إصغاء المصلِّي في الصَّلاة إلى الخطاب الخفيف وتفهُّمه، وهو مبنيٌّ على أنَّه قيل لهنَّ ذلك داخل الصَّلاة، لكن جزم الإسماعيليُّ بأنَّه خارجها، وحينئذٍ فلا معنى لقول المؤلِّف في التَّرجمة للمصلِّي، ولا وجه لجزمه، بل الأمر محتملٌ؛ لأن يكون القول خارج الصَّلاة وداخلها(2)، ويكون القائل في غير الصَّلاة، فلا يتعيَّن أحد الاحتمالين إلَّا بدليلٍ، نعم مقتضى التَّعبير بالفاء في قوله: «فقيل للنِّساء» يعين وقوعه وهنَّ داخلها _كما مرَّ_ لكن وقع عند المؤلِّف في «باب إذا كان الثَّوب ضيِّقًا» [خ¦362] بدون التَّعبير بالفاء، ولفظه: «وقال»، وفسَّر القائل به ╕ (3)، وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”ويقال“ وهو أعمُّ من أن يكون النَّبيّ صلعم أو غيره.


[1] قوله: «وفي الفرع: أزْرهم بسكون الزَّاي»، سقط من (ص) و(م).
[2] في (د): «أو داخلها».
[3] قوله: «وفسَّر القائل به ╕ »، سقط من (م).