إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: سيخرج قوم في آخر الزمان حداث الأسنان

          6930- وبه قال: (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ) بكسر الغين المعجمة وتخفيف التحتية وبعد الألف مثلثة، قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) حفص قال: (حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ) سليمان قال: (حَدَّثَنَا خَيْثَمَةُ) بفتح الخاء‼ المعجمة وسكون التحتية بعدها مثلثة، ابن عبد الرَّحمن بن أبي سَبْرة _بفتح السين المهملة وسكون الموحدة_ الجعفيُّ، لأبيه وجدِّه صُحبة، قال: (حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ) بفتح الغين المعجمة والفاء واللام، الجعفيُّ من كبارِ التَّابعين ومن المخضرمين عاش مئة وثلاثين سنة، وقيل: إنَّ له صُحبةً قال(1): (قَالَ عَلِيٌّ) أي: ابنُ أبي طالب ( ☺ : إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم حَدِيثًا فَوَاللهِ لَأَنْ أَخِرَّ) بفتح الهمزة وكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء: أسقطَ (مِنَ السَّمَاءِ) أي: إلى الأرضِ، كما هو في رواية أبي معاوية والثَّوريِّ عند أحمد (أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ) صلعم (وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الحَرْبَ خُـَـِدْعَةٌ) بتثليث الخاء المعجمة، يجوز فيه التَّورية والكناية والتَّعريض بخلافِ التَّحديث عنه صلعم ، فأوضحَ أنَّ عنده في هذه القصَّة نصًّا صريحًا خوف أن يظنَّ به أنَّ ذلك من باب التَّعريض والتَّورية (وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَقُولُ: سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ) قال السَّفاقِسيُّ: أي: زمان الصَّحابة، وعورضَ بأنَّ آخر زمانهم كان على رأسِ المئة وهم قد خرجوا قبلُ بأكثرَ من ستِّين سنة، أو المراد آخر زمان خلافة النُّبوَّة؛ لحديث «السُّنن» عن سفينة(2) مرفوعًا: «الخلافةُ بعدِي ثلاثون سنةً، ثمَّ تصير مُلكًا» وقصَّة الخوارج وقتلهم بالنَّهروان في أواخر سنة ثمان وعشرين(3) بعده صلعم بدون الثَّلاثين بنحو سنتين، قاله الحافظُ ابن حجرٍ، وقال العينيُّ: إنْ قلنَا بتعدُّد خُروجهم فلا يحتاج لما ذكر. وفي رواية النَّسائيِّ من حديثِ أبي برزةَ(4): «يخرجُ في آخر الزَّمان قومٌ» (حُدَّاثُ الأَسْنَانِ) بضم الحاء وتشديد الدال المهملتين وبعد الألف مثلثة، أي: شبَّان صغارُ السِّنِّ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”أحداثُ الأسنان“ (سُفَهَاءُ الأَحْلَامِ) جمع: حِلم، بكسر الحاء المهملة: العقل، أي: عقولهم رديئة (يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ) بتشديد التحتية النَّاس. قيل: المراد من قول خير البريَّة، أي: النَّبيِّ صلعم ، أو القرآن، فهو من باب المقلوب. وقال في «الكواكب»: أي: خيرُ أقوال النَّاس، أو خيرٌ من قول البريَّة، يعني: القرآن.
          قال في «العمدة»: فعلى هذا ليس بمقلوب(5)، والمراد: القولُ الحسن في الظَّاهر والباطن على خلاف ذلك. وفي حديث مسلمٍ عن عليٍّ(6): «يقولون الحقَّ» (لَا يُجَاوِزُ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”لا يجوز“ (إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ) بفتح الحاء المهملة، جمع: حَنْجرة: الحُلقوم والبلعوم، أي: يؤمنون بالنُّطق لا بالقلبِ، وعند مسلم من رواية عبيدِ الله بنِ أبي رافع / عن عليٍّ: «يقولون الحقَّ بألسنتِهم لا يجاوزُ هذا منهم» وأشار إلى حلقهِ (يَمْرُقُونَ) يخرجونَ (مِنَ الدِّينِ) وعند النَّسائيِّ: «من الإسلام»، وكذا عند المؤلِّف في «باب‼ من راءى بالقرآن»، من طريق سفيان الثَّوريّ عن الأعمش [خ¦5057] (كَمَا يَمْرُقُ) يخرج (السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ) بفتح الراء وكسر الميم وتشديد التحتية، الشَّيء الَّذي يُرمى به، يعني: أنَّ دخولهم في الإسلامِ ثمَّ خُروجهم منه ولم يتمسَّكوا منه بشيءٍ كالسَّهم الَّذي دخلَ في الرَّميَّة، ثمَّ يخرجُ منها ولم يعلقْ به شيءٌ منها (فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ) ظرفٌ للأجرِ لا للقتلِ.
          والحديث سبقَ في «علامات النُّبوَّة» [خ¦3611] و«فضائل القرآن» [خ¦5057].


[1] «قال»: ليست في (د).
[2] في (د): «سفيان».
[3] في (د): «في آخر سنة ثمان وثلاثين»، وفي (ص): «ثلاث وثلاثين».
[4] في (ع): «بردة».
[5] في (د): «من المقلوب».
[6] «عن علي»: ليست في (ص).