إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أكبر الكبائر الإشراك بالله

          6919- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو: ابنُ مُسَرْهد‼ قال: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ) بضم الميم والضاد المعجمة المشددة قال: (حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ) بضم الجيم وفتح الراء، نسبةً إلى جرير بن عُبَاد _بضم العين وتخفيف الموحدة_ واسمه: سعيد بنُ إياسٍ البصريُّ. قال المؤلِّف: (وَحَدَّثَنِي) بالإفراد (قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ) أبو محمد الدَّارميُّ، مَولاهم البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) المعروف بابنِ عُلَيَّة قال: (أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ الجُرَيْرِيُّ) قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ) أبي بكرةَ نُفَيْع بن الحارث الثَّقفيِّ ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : أَكْبَرُ الكَبَائِرِ) جمع: كبيرة، وأصله وصف مؤنث، أي: الفعلةُ الكبيرةُ أو نحو ذلك، وكبرُها باعتبار شدَّة مفسدَتها وعظم إثمهَا، ويؤخذُ منه انقسامُ الذُّنوب إلى كبائرَ وصغائر، وردٌّ على من يجعلُ المعاصِي كلَّها كبائر، وبه قال ابن عبَّاس وأبو إسحاق الإسفرايينيُّ والقاضي أبو بكر القشيريُّ(1) ونقله ابنُ فُوْرَك عن الأشاعرة، واختاره الشَّيخ تقيُّ الدِّين السُّبكيُّ، وكأنَّهم أخذوا الكبيرةَ باعتبار الوضع اللُّغوي، ونظروا في ذلك إلى عظمةِ جلال من عُصي بها، وخُولف أمرُه ونهيهُ، لكن جمهور السَّلف والخلف وهو مرويٌّ عن ابن عبَّاس أيضًا (الإِشْرَاكُ بِاللهِ) بالرَّفع خبر مبتدأ محذوفٍ، أي: هي الإشراكُ بالله، والجارُّ والمجرور يتعلَّق(2) بالمصدرِ، والإشراك أن تجعلَ لله شريكًا، أو هو مطلق الكفرِ على أيِّ نوعٍ كان، وهو المراد هنا (وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ) عطف على سابقهِ مصدر عَقَّ، يُقال: عَقَّ والدَه / يَعُقُّه عُقُوقًا فهو عاقٌّ؛ إذا آذاهُ وعصاهُ وخرجَ عليه، وهو(3) ضدُّ البرِّ به(4)، وأصله من العقِّ الَّذي هو الشَّقُّ والقطع (وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ) قال ذلك (ثَلَاثًا _أَوْ) قال: (قَوْلُ الزُّورِ_) بالشَّكِّ من الرَّاوي (فَمَا زَالَ) ╕ (يُكَرِّرُهَا) أي: يكرِّر «وشهادة الزُّور»، فالضَّمير للخصلة (حَتَّى قُلْنَا) أي: إلى أن قلنا: (لَيْتَهُ) صلعم (سَكَتَ) جملة في محلِّ خبر ليتَ، والجملةُ مَعْمولة للقولِ، و«ليْتَ» حرفُ تمنٍّ يتعلَّق بالمستحيلِ غالبًا وبالممكن قليلًا، وإنَّما قالوا ذلك تعظيمًا لما حصلَ لمرتكب هذا الذَّنب من غضبِ الله ورسوله، ولما حصلَ للسَّامعين من الرُّعب والخوفِ من هذا المجلسِ.
          والحديث سبق في «الأدب» [خ¦5976] وغيره [خ¦2654].


[1] في (د) و(ص): «أبو بكر بن القشيريِّ».
[2] في (ع) و(د): «متعلق».
[3] «وهو»: ليست في (د).
[4] «به»: ليست في (د).