التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى

          3242- قوله: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ): تَقَدَّمَ مرارًا أنَّه سعيدُ بنُ الحكمِ بن مُحَمَّد بن سالم، ابنُ أبي مريم، وكذا تَقَدَّمَ (اللَّيْثُ): أنَّه ابنُ سعدٍ، وكذا تَقَدَّمَ(1) (عُقَيْلٌ): أنَّه بضَمِّ العين، وفتح القاف، وأنَّه ابنُ خالدٍ، وتَقَدَّمَ (ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهْرِيُّ مُحَمَّدُ بن مسلم، وأنَّ (سَعِيد بْن المُسَيِّـَب): والده بفتح الياء وكسرها، وغير والده ممَّن اسمه (المُسَيَّب) لا يجوز فيه إلَّا فتح يائه [خ¦26].
          قوله: (رَأَيْتُنِي): هو بضَمِّ التاء، وقد تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ؛ أي: رأيت نفسي [خ¦508] [خ¦519] [خ¦2018]. /
          قوله: (فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ): ذكر شيخنا فيه كلامًا حسنًا في «شرحه»، ولا يتحرَّر جيِّدًا؛ لأنَّ النسخة سقيمة، وفي آخر كلامه: (قال ابن بَطَّالٍ: ويشبه أن تكون هذه الرواية الصواب، و«تتوضَّأ» تصحيف، والله أعلم؛ لأنَّ الحور طاهراتٌ لا وضوءَ عليهنَّ، فكذلك كلُّ من دخل الجنَّة لا تلزمه طهارة ولا عبادة، وحروفُ «شوهاء» يمكن تصحيفُها بحروف «تتوضَّأ»؛ لقرب صور بعضها من بعض، وقال ابن التين: قوله: «تتوضَّأ»، قيل: إنَّه تصحيف؛ لأنَّ الجنَّة لا تكليفَ فيها، وقيل: إنَّما نبَّه به على فضل الوضوء، وأنَّه سببٌ إلى ملك ذلك ومثله، قال الداوديُّ: وفيه وضوء الحور، وأنَّ الجنَّة مخلوقة، وكذلك الحور)، انتهى.
          ورأيت في «نهاية ابن الأثير»: في (شوه) _والظاهر أنَّه من «الغريبَين»_: («بينا أنا نائمٌ؛ رأيتُني في الجنَّة، فإذا امرأة شوهاءُ إلى جَنْبِ قصرٍ»: الشوهاء: المرأة الحسنة الرَّائعة، وهو من الأضداد...) إلى آخره.
          وذكر أيضًا شيخنا في (باب الغيرة) من «شرح البُخاريِّ» ما لفظه: (وذكر ابن قُتَيْبَة في قوله: «فإذا امرأة شوهاءُ إلى جانب قصرٍ» من حديث ابن شهاب عن سعيد بن المُسَيَِّب، وفسَّره قال: الشوهاء: الحسنة الرائعة).
          وذكر في (صفة الجنَّة) عن الخَطَّابيِّ: (أنَّها شوهاء، وإنَّما أسقط الكاتب بعض حروفه، فصار «تتوضَّأ»؛ لأنَّه لا عمل في الجنَّة؛ وضوء ولا غيره، والشوهاء: المرأة الحسناء...، وقال القرطبيُّ: الرواية الصحيحة: «تتوضَّأ»، وأمَّا ابن قُتَيْبَة؛ فقال بدله: «شوهاء»...) إلى أن قال شيخنا: (ويحتمل أنَّه أراد الوضوء اللُّغويَّ؛ وهو غسل الوجه واليدين، وقد ترجم عليه البُخاريُّ في «التعبير»: [«باب الوضوء في المنام»] [خ¦7025]، وهو خلاف ما ذكره الخطَّابيُّ)، انتهى.
          وفي (الغيرة) ذَكَرَ ما ذكرتُه أعلاه عن ابن بَطَّالٍ: أنَّ الصواب (شوهاء)، وأنَّ (تتوضَّأ) تصحيفٌ، وينبغي أن يُراجع كلام المؤلِّف من نسخة صحيحة، والله أعلم.
          واعلم أنَّ قولهم: إنَّ الجنَّة ليست بدار تكليف؛ فقال ابن القَيِّمِ في «حادي الأرواح» في (الباب السادس) في جواب مَن زعم أنَّها جنَّة الخلد حكايةَ خصمِه ما لفظُه: (وأمَّا قولكم: إنَّها دار جزاء وثواب، لا دار تكليف، وقد كلَّف الله آدم بالنهي عن الأكل من تلك الشجرة؛ فدلَّ على أنَّ تلك الجنَّة دار تكليفٍ، لا دار خلود؛ فجوابه من وجهين؛ أحدهما: أنَّه إنَّما يمتنع أن تكون دارَ تكليف؛ إذا دخلها المؤمنون يوم القيامة، فحينئذٍ ينقطع التكليف، وأمَّا وقوع التكليف فيها في دار الدنيا؛ فلا دليلَ على امتناعِه ألبتة، فكيف وقد ثبت عن النَّبيِّ صلعم أنَّه قال: «دخلت البارحة الجنَّة، فرأيت امرأةً تتوضَّأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن أنت؟...»؛ الحديث، وغيرُ ممتنعٍ أن يكون فيها مَن يعمل بأمر الله ويعبد الله قبل يوم القيامة؛ بل هذا هو الواضح، فإنَّ [من] فيها الآن مؤتمرون بأوامرَ من قِبَل ربِّهم لا يتعدُّونها، سواءٌ سُمِّي ذلك تكليفًا أم لا) انتهى.
          والبُخاريُّ قد ترجم عليه (باب الوضوء في المنام)، فاللَّفظة عنده غير مصحَّفة، والله أعلم، ولو قال شخصٌ: إنَّ (شوهاء) تصحيفٌ من (تتوضَّأ) ويستدلُّ عليه بحديث البُخاريِّ، بِمَ ذا كان يردُّ عليه؟! والله أعلم.
          قوله: (فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ): هي بفتح الغين(2)، وهذا ظاهِرٌ.
          قوله: (فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ: أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللهِ؟!): بكاءُ عمرَ ☺ يحتمل أن يكون سرورًا، وأن يكون تشوُّقًا إلى ذلك، والله أعلم.


[1] (تَقَدَّمَ): ليس في (ب).
[2] زيد في (ب): (والله أعلم).