التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب التوثق ممن تخشى معرته

          ░7▒ (بَابُ: التَّوَثُّقِ مِمَّنْ تُخْشَى مَعَرَّتُهُ
          وَقَيَّدَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِكْرِمَةَ عَلَى تَعْلِيمِ القُرْآنِ وَالسُّنَنِ وَالفَرَائِضِ).
          2422- ثمَّ ساق حديثَ أبي هُرَيْرَةَ في ربط ثُمامَةَ في المسجد، وقد سلف في أبواب المساجد [خ¦462] [خ¦469] في موضعين منه، ووقع في «كتاب ابنِ بَطَّالٍ»: أنَّ البُخاريَّ ترجم له في كتاب الصَّلاة باب: الأسير والغريم يُربط في المسجد، وليس كذلك، بل ذكر فيه حديثًا آخر، نَعَمْ، ذكره عُقْبَهُ في بابٍ آخر [خ¦462].
          وفعلُ ابنِ عَبَّاسٍ أخرجه ابنُ سَعْدٍ مِنْ طريق الزُّبَيْرِ بنِ الخرِّيتِ عن عِكْرِمةَ قال: كان ابنُ عَبَّاسٍ يجعل في رجلي الكبلَ يُعلِّمني الكتابَ والسُّنَّة.
          وأهل العلم يوجبون التَّوثُّق بالسِّجن والضَّامن وما أشبهه، فمَنْ وجب عليه حقٌّ لغيره فأبى أنْ يخرج مِنْه وادَّعى مخرجًا لم يحضره في الوقت، وقد روى وَكِيْعٌ أنَّ عَلِيًّا كان يحبس في الدَّين، وروى مَعْمَرٌ عن أيُّوبَ، عن ابنِ سِيرينَ قال: كان شُرَيحٌ إذا قضى على رجلٍ بحقٍّ أمرَ بحبسه في المسجد إلى أنْ يقوم، فإنْ أعطى حقَّه وإلاَّ أمر به إلى السَّجن. وقال طاوُسٌ: إذا لم يُقِرَّ الرَّجل بالحُكْم حُبس. وروى مَعْمَرٌ عن بَهْزِ بن حَكِيْمٍ، عن أبيه، عن جدِّه أنَّ رَسُول الله _صلعم_ حَبس رجلًا في تُهمةٍ.
          وحديث ثُمامةَ أصلٌ في ذلك؛ لأنَّه كان قد حلَّ دمُه بالكفر، والسُّنَّة في مثله أنْ يُقتلَ أو يُستعبدَ أو يُفادى به أو يُمنَّ عليه، فحبسَه الشَّارعُ حتَّى يرى فيه رأيَه، وأيُّ الوجوهِ أصلحُ للمسلمين في أمرِه، قال ابنُ التِّينِ: وربطُه بساريةٍ مِنْ سواري المسجد يحتمل أنْ يكون قبل نزول {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ}الآية[التَّوبة:17].
          وفيه رفقُه بمَنْ أحسن إسلامه وإطلاقُه.