شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: المتيمم هل ينفخ فيهما؟

          ░4▒ بَابُ: هَلْ يَنْفُخُ فِيْهِمَا.
          فيهِ:(1) عَبْد الرَّحْمَنِ بنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ المَاءَ، فَقَالَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ(2) لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا في سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ، فأَمَّا(3) أَنْتَ(4) فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ ذلك للنَّبيِّ صلعم فَقَالَ النَّبيُّ: (إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا فَضَرَبَ(5) بِكَفَّيْهِ الأرْضَ وَنَفَخَ فِيهِمَا ثمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ). [خ¦338]
          اختلف العلماء في نفض اليدين مِن(6) التَّيمُّم فكان الشَّعْبِيُّ يقول بنفضهما وهو قول الكوفيين، وقال مالكٌ أيضًا(7): نفضًا خفيفًا. وقال الشَّافعيُّ: لا بأس أن ينفضهما إذا بقي في يديه(8) غبارٌ يماسُّ الوجه، وهو قول إِسْحَاقَ. وقال أحمدُ: لا يضرُّ(9) فَعَلَ أو لم يفعل، وكان ابنُ عُمَرَ لا ينفض يديه. قال المُهَلَّبُ: فيه من الفِقْهِ أنَّ المتأوِّل لا إعادة عليه ولا لوم، ألا ترى أنَّ عَمَّارًا قال: (مَّا أنا فتمرَّغت في التُّراب)؛ لأنَّه تأوَّل أنَّ التَّيمُّم للوجه والكفَّين لا يجزئ في الجنابة كما يجزئ في الوضوء وكانوا في سفرٍ(10)، فلم يأمره النَّبيُّ صلعم بإعادة التَّيمُّم والصَّلاة لأنَّه عمل أكثر مما كان يجب عليه في التَّيمُّم، بلْ أخبره أنَّه كان يجزئه ضربةً للوجه والكفَّين عن غسل الجنابة، وسيأتي الخلاف في تيمُّم الجُنُب بعد هذا إن شاء الله تعالى [خ¦246]. /


[1] زاد في المطبوع: ((سعيد بن)).
[2] قوله ((بن ياسر)) ليس في (م).
[3] في (ص): ((أما)).
[4] قوله ((فأمَّا أنت)) ليس في (م).
[5] زاد في المطبوع: ((النَّبيُّ صلعم))، وفي (م): ((وضرب النَّبيُّ صلعم)).
[6] في (م): ((في)).
[7] قوله: ((أيضًا)) ليس في (م).
[8] في (م): ((وجهه)).
[9] في (م): ((لا يضرُّه)).
[10] في المطبوع: ((السَّفر)).