شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا أعتق في الكفارة لمن يكون ولاؤه؟

          ░8▒ بَابٌ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فِي الكَفَّارَةِ لِمَنْ يَكُونُ(1) وَلَاؤُهُ؟
          فيهِ عَائِشَةُ: (أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ، فَاشْتَرَطُوا(2) عَلَيْهَا الوَلاءَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلعم فَقَالَ: اشْتَرِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ). [خ¦6717]
          اختلفَ العلماءُ في هذه المسألةِ، فقالَ مالكٌ والأوزاعيُّ: إذا أعتقَ أحدُ الشَّريكين عبدًا بينَه وبينَ غيرِه عن الكفَّارةِ، إنْ كانَ موسرًا أجزأه ويضمنُ لشريكِه حصَّتَه وإنْ كانَ معسرًا لم يُجْزِه(3)، وهوَ قولُ مُحَمَّدٍ وأبي يوسفَ والشَّافعيِّ وأبي ثورٍ.
          وقالَ أبو حنيفةَ وبعضُ أصحابِه: لا يُجْزِئُه عن الكفَّارةِ موسرًا كانَ أو معسرًا.
          وحُجَّةُ مالكٍ أنَّ للمعتقِ الموسرِ إذا لمْ يكنْ شريكُه يعتقُ نصيبَه فالعبدُ كلُّه على الموسرِ حرٌّ، فلذلك أجزأ عنده(4)، وحجَّة من لم(5) يُجِزِ العتق أنَّه أعتق نصف عبدٍ لا عبدًا كاملًا لأنَّ أصل أبي حنيفة أنَّ الشَّريك مُخَيَّرٌ إن شاء قوَّم على شريكه وإن شاء استسعى العبد في نصف قيمته وإن شاء أعتق فيكون الولاء بينهما نصفين.
          وأمَّا الولاء فهو للمكفِّر المعتق عند جمهور العلماء لأنَّه لمَّا أعتق نصيبه وكان موسرًا أوجب عليه عتقه كلَّه، وقد قال ◙: ((الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ)) ولذلك أدخل البخاريُّ حديث بَرِيْرَةَ في هذا الباب.


[1] قوله: ((يكون)) ليس في (ز).
[2] في (ص): ((واشترطوا)).
[3] في (ز): ((يجزه)).
[4] قوله: ((وحجَّة مالكٍ أنَّ للمعتق الموسر إذا لم يكن شريكه يعتق نصيبه فالعبد كلُّه على الموسر حرٌّ، فلذلك أجزأ عنده)) ليس في (ص).
[5] قوله: ((لم)) ليس في (ص).