عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب من نام أول الليل وأحيا آخره
  
              

          ░15▒ (ص) باب مَنْ نَامَ أَوَّل اللَّيْلِ وَأَحْيَا آخِرَهُ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان شأن مَن نَام أَوَّل الليل وأحيا آخره بالصلاةِ أو بقراءة القرآن أو بالذكرِ.
          (ص) قَالَ سَلْمَانُ لأَبِي الدَّرْدَاءِ ☻: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ قَالَ: قُمْ، قَالَ النَّبِيُّ صلعم : «صَدَقَ سَلْمَانُ».
          (ش) مطابقته للترجمة ظاهرةٌ؛ لأنَّ سلمان الفارسيَّ أَمَرَ لأبي الدَّرْدَاء بالنوم في أَوَّل الليل، ويالقيام في آخره، وهذا التعليق مختصرٌ مِن حديثٍ طويل أورده البُخَاريُّ في (كتاب الأدب) مِن حديث أبي جُحَيفة، قال: آخى رسولُ الله صلعم بين سلمان وأبي الدَّرْدَاء، فَزَارَ سلمان أبا الدَّرْدَاء، فرأى أمَّ الدَّرْدَاء مُتَبَذِّلة، فقال لها: ما شأنُك؟ قالت: أخوك أبو الدَّرْدَاء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدَّرْدَاء فصنع له طعامًا، فقال: كُل فإنِّي صائم، قال: ما أنا بآكل حَتَّى تأكل، فَأَكَلَ، فلمَّا كان اللَّيل ذهب أبو الدَّرْدَاء يقوم، فقال: نَم، فنام فذهب يقوم، فقال: نَم، فلمَّا كان آخر الليل قال سلمان: قم الآن، قال: فصلَّيا، فقال له سلمان: إنَّ لربِّك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، فأتى النَّبِيَّ صلعم فذكر ذلك له، فقال النَّبِيُّ صلعم : «صَدَقَ سلمانُ».