عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب تحريض النبي على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب
  
              

          ░5▒ (ص) بَابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صلعم عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ وَالنَّوَافِلِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان تحريض النَّبِيِّ صلعم أمَّتَه أوِ المؤمنين على قيامِ اللَّيل؛ أي: على صلاة اللَّيل، وكذا في رواية الأصيليِّ وكريمةَ: <على صلاة اللَّيل>.
          هذا الباب يشتملُ على أربعةِ أحاديثَ:
          الأَوَّل: لأمِّ سلمة.
          والثاني: لعليِّ بنِ أبي طالب.
          والثالث والرابع: لأمِّ المؤمنين عائشةَ.
          قيل: اشتملت الترجمةُ على أمرين؛ التحريضُ ونفيُ الإيجاب، فحديثُ أمِّ سلمة وعليٍّ للأَوَّل، وحديثَا عائشةَ للثَّاني، وقال بعضُهم: بل يُؤخَذ مِنَ الأحاديث الأربعةِ نفيُ الإيجاب، ويُؤخَذُ التَّحريضُ مِن حديثَي عائشةَ مِن قولها: (كان يدعُ العملَ وهو يحبُّه) لأنَّ كلَّ شيءٍ أحبَّه استلزم التحريضَ عليه، لولا ما عارضه مِن خشية الافتراض انتهى.
          قُلْت: لا نُسلِّم أنَّ حديثَ أمِّ سلمة يدلُّ على نفيِ الإيجاب، بل ظاهرُه يوهِمُ الإيجابَ على ما لا يخفى على المتأمِّل، ولكنَّه ساكتٌ عنه، وظاهرُه التحريضُ، ولا نُسلِّمُ أيضًا استلزامَ التحريضِ في شيء أحبَّه، وكذلك ظاهرُ حديث عليٍّ يوهمُ الإيجاب؛ بدليل قوله صلعم حينَ ولَّى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}[الكهف:54]، ولكنَّ ظاهرَه التحريضُ.
          قوله: (وَالنَّوافِلُ) جمعُ (نافلةٍ) عطفٌ على (قِيَامِ اللَّيلِ) أي: والتحريضُ على النوافل، فإن كان المرادُ مِن قيامِ اللَّيل الصلاةَ فقط؛ يكون مِن عَطْفِ العَامِّ عَلَى الخَاصِّ، وإن كانَ المرادُ مِن قيام اللَّيلِ أعمَّ مِنَ الصلاة والقراءة والذِّكر والتفكُّر في الملكوت العلويَّة والسفليَّة وغير ذلك؛ يكونُ مِن عطفِ الخاصِّ على العامِّ.
          (ص) وَطَرَقَ النَّبِيُّ صلعم فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا ☻ لَيْلًا لِلصَّلَاةِ.
          (ش) هذا التعليقُ ذكرَه عَقِيبَ هذا بقوله: (حَدَّثَنَا أبو اليمان...) إلى آخره.
          قوله: (طَرَقَ) مِنَ الطروق؛ وهو الإتيانُ باللَّيل؛ يعني: أتاهما باللَّيل؛ للتحريض على القيامِ للصَّلاة.