عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب قيام النبي حتى ترم قدماه
  
              

          ░6▒ (ص) بَابُ قِيَامِ النَّبِيِّ صلعم حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ.
          (ش) أي: هذا بَابٌ في بيانِ: قيامِ النَّبِيِّ صلعم ؛ يعني: صلاةَ اللَّيل، هذه الترجمة على هذا الوجهِ روايةُ كريمةَ، وفي رواية الكُشْميهَنيِّ: <باب قيام النَّبِيِّ صلعم اللَّيلَ>.
          قوله: (حَتَّى تَرِمَ) كلمةُ (حَتَّى) للغاية، ومعناها: إلى أن ترِمَ، ولفظة: (تَرِمَ) منصوبةٌ بـ(أن) المُقدَّرة، وهو بفتح التَّاءِ المُثَنَّاة من فوقُ، فعلٌ مضارعٌ للمُؤنَّث، وماضيه (وَرِمَ) وهو مِنَ (باب فعِلَ يفعِلُ) بالكسرِ فيهما، تقول: وَرِمَ يَرِمُ وَرَمًا، ومعنى (وَرِمَ) انتفخَ، وأصلُ (تَرِمُ) (تَوْرِمُ)، فحُذِفتِ الواوُ منه؛ كما حُذِفَت مِن (يَعِدُ) و(يَمِقُ) ونحوهما في كلِّ ما جاءَ مِن هذا الباب، قيل: هذا شَاذٌّ، وقيل: نادرٌ، وليس كذلك، وإِنَّما هو قليلٌ؛ لأنَّه لا يدخل في دعائم الأبواب.
          وقوله: (قَدَمَاهُ) مرفوعٌ؛ لأنَّه فاعلُ (تَرِمُ).
          (ص) وَقَالَتْ عَائِشَةُ ♦: قَامَ النَّبِيُّ صلعم حَتَّى تَفَطَّرَ قَدَمَاهُ.
          (ش) ويروى: <قامَ رسولُ الله صلعم > وفي رواية الكُشْميهَنيِّ: <قالت عائشة ♦: كان يقومُ>.
          وهذا التعليقُ أخرجه البُخَاريُّ في (التفسير) مسندًا في (سورة الفتح).
          قوله: (حَتَّى تَفَطَّرَ) على وزن (تَفَعَّلَ) بالتشديد؛ بتاءٍ واحدةٍ، وهو على صيغة الماضي، فتكون الراءُ [مفتوحةً، وفي رواية الأصيليِّ: <تتفطَّر> بتاءَين، وقد يأتي فيما كانَ بتاءَين حذفُ إحداهما؛ كما في: {نَارًا تَلَظَّى}[الليل:14] أصلُه: تتلظَّى؛ بتاءَين، ولم يحذف ههنا، فعلى هذا تكونُ الرَّاءُ] مضمومةً، وعلى الأصل رواية الأصيليِّ.
          وقوله: (قَدَمَاهُ) مرفوعٌ؛ لأنَّه فاعل: (تفطَّر).
          (ص) الفُطُورُ: الشُّقُوقُ، {انْفَطَرَتْ}[الانفطار:1]: انْشَقَّتْ.
          (ش) [كذا فسَّره الضَّحَّاكُ فيما رواه ابن أبي حاتم موصولًا].