عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الاستثناء في الأيمان
  
              

          ░9▒ (ص) بابُ الاِسْتِثْنَاءِ فِي الأَيْمَانِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان حكم الاستثناء في الأيمان، وفي بعض النُّسَخ: <في اليمين>، والمراد بـ(الاِسْتِثْنَاءِ) هنا لفظ (إن شاء الله) وليس المراد به الاستثناء الاصطلاحيَّ؛ نحو قوله: واللهِ لأفعلنَّ كذا إن شاء الله تعالى، أو قال: والله لا أفعل كذا إن شاء الله، وفيه اختلافٌ للعلماء؛ فقال إبراهيم والحسن والثَّوْريُّ وأبو حنيفة وأصحابه والأوزاعيُّ والليث وجمهور العلماء: شرطُه أن يتَّصل بالحلف، وقال مالكٌ: إذا سكت أو قطع كلامه فلا استثناء، وقال الشَّافِعِيُّ: يُشتَرط وصلُ الاستثناء بالكلام الأَوَّل، ووصلُه أن يكون نسقًا، فإن كان بينهما سكوتٌ انقطع إلَّا إذا كان لتذكُّرٍ، أو تنفُّسٍ، أو عيٍّ، أو انقطاع صوتٍ، وقال الحسن البَصريُّ وطاوُوس: للحالف الاستثناء ما لم يقم مِن مجلسه، وقال قتادة: أو يتكلَّم، وقال أحمد: له الاستثناء ما دام في ذلك الأمر، وبه قال إسحاق، إلَّا أن يكون سكوتٌ ثُمَّ عودٌ إلى ذلك الأمر، وقال عطاءٌ: إنَّ له ذلك قَدْرَ حَلْبِ الناقة الغزيرة، وقال سعيد بن جُبَيرٍ: له ذلك إلى بعد أربعة أشهرٍ، وقال مجاهدٌ: له ذلك بعد سنتين، وقال ابن عَبَّاسٍ: يصحُّ ذلك ولو بعد حين، فقيل: أراد به سنةً، وقيل: أبدًا، حكاه ابن القصَّار، واختلفوا أيضًا في الاستثناء في الطلاق والعتق؛ فقال ابن أبي ليلى والأوزاعيُّ والليث ومالكٌ: لا يجوز الاستثناء، ورُوِيَ مثله عن ابن عَبَّاسٍ وابن المُسَيَِّبِ والشعبيِّ وعطاءٍ والحسن ومكحولٍ وقتادة والزُّهْريِّ، وقال طاوُوسٌ والنخعيُّ والحسن وعطاءٌ _في روايةٍ_ وأبو حنيفة وأصحابه، والشَّافِعِيُّ وأصحابه، وإسحاق: يجوز الاستثناء.