عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}
  
              

          ░15▒ (ص) باب: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا}[التوبة:51]: قَضَى.
          (ش) أي: هذا بابٌ في قوله تعالى: ({قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا})... إلى آخره.
          قوله: (قَضَى) تفسيرُ قوله: ({كَتَبَ}) وأشار بهذه الآية إلى أنَّ الله تعالى أعلَمَ عبادَه أنَّ ما يصيبهم في الدنيا مِنَ الشدائد والمِحَن والضيق والخِصب والجَدب؛ إنَّ ذلك كلَّه فعلٌ لله تعالى، يفعل مِن ذلك ما يشاء لعباده، ويبتليهم بالخير والشَّرِّ، وذلك كلُّه مكتوب في اللوح المحفوظ.
          (ص) قَالَ مُجاهِدِ: {بِفاتِنِينَ} بِمُضِلِّينَ، إلَّا مَنْ كَتَب الله أنَّهُ يَصْلَى الجَحِيمَ.
          (ش) أي: قال مجاهد في تفسير قوله تعالى: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ. إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ}[الصافات:162-163] أي: ما أنتم عليه بمضلِّين إلَّا مَن كَتَبَ الله تعالى أنَّهُ يَصلَى _أي: يدخل_ الجحيم.
          وهذا التعليق وصله عبدُ بن حُمَيد بمعناه مِن طريق إسرائيل عن منصور في هذه الآية قال: لا يَفْتِنُون إلَّا مَن كتب عليه الضلالة.
          (ص) {قَدَّرَ فَهَدَى} قَدَّرَ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، وَهَدَى الأَنْعَامَ لِمَرَاتِعِهَا.
          (ش) أشار به إلى تفسير مجاهدٍ في قوله: {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى}[الأعلى:3] وفَسَّره بقوله: (قَدَّرَ الشقاءَ والسَّعَادَةَ) ووصله الفِرْيَابيُّ عن ورقاء عن ابن أبي نَجِيح عن مجاهدٍ.
          قوله: (وَهَدَى الْأَنْعَامَ لِمَرَاتِعِهَا) ليس له تعلُّق بما قبله، بل هو تفسيرٌ لمثل قوله تعالى: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}[طه:50].