عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب قسمة الإمام الأضاحي بين الناس
  
              

          ░2▒ (ص) باب قِسْمَةِ الإِمَامِ الأَضَاحِي بَيْنَ النَّاسِ.
          (ش) أي: هذا باب في بيانِ قسمة الإمامِ الأضاحي بين الناس بنفسه أو بوكيله، وغرضه مِن هذه الترجمة بيان قسمته صلعم الضحايا بين أصحابه، فإن كان قسمها بين الأغنياء؛ فكانت مِنَ الفيء أو ما يجري مجراه مِمَّا يجوز أخذها للأغنياء، وإن كان قسمها بين الفقراء خاصَّة فكانت مِنَ الصدقة، وإِنَّما أراد البُخَاريُّ بهذا _والله أعلم_ أنَّ إعطاء الشارع الضحايا لأصحابه دليلٌ على تأكُّدها وندبهم إليها، قيل: لو كان الأمر كما ذكر لم يخف ذلك على / الصحابة الذين قصدوا تركها وهم موسرون.
          وأجيب بأنَّ مَن تركها منهم لم يتركها؛ لأنَّها غير وكيدة، وإِنَّما تركها لِمَا رُوِي عَن معمرٍ والثَّوْريِّ عن أبي وائل، قال: قال أبو مسعودٍ الأنصاريُّ: إنِّي لأدع الأضحى وأنا موسرٌ؛ مخافةَ أن يَرى جيراني أنَّهُ حتمٌ عليَّ، وروى الثَّوْريُّ عن ابن إبراهيم بن مهاجرٍ عن النَّخَعِيِّ عن عَلْقَمَة قال: لَأن لا أضحِّي أحبُّ أن أراه حتمًا عليَّ، وقال ابن بَطَّالٍ: وهكذا ينبغي للعالِمِ الذي يُقتدى به _إذا خشيَ مِنَ العامَّة أن يلتزموا السُّنَن التزامَ الفرائض_ أن يتركوا فيها؛ ليُتأسَّى بهم فيها، ولئلَّا يختلط على الناسِ أمرُ دينهم، فلا يفرِّقوا بين فرضِه ونفلِه.