عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب ما جاء في قوله تعالى: {وهو الذي أرسل الرياح نشرًا بين يدى رحمته}
  
              

          ░5▒ (ص) باب ما جاءَ فِي قَوْلِهِ تَعالَى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ نُشُرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}[الفرقان:48].
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان ما جاء... إلى آخرِه.
          (ص) {قاصِفًا} تَقْصِفُ كُلَّ شَيْءٍ.
          (ش) أشار به إلى تفسير لفظ {قاصفًا} في قوله تعالى: {فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفًا مِنَ الرِّيحِ}[الإسراء:69]، وفسَّره بقوله: (تَقْصِفُ كُلَّ شَيْءٍ) ؛ يعني: تأتي عليه، وقال أبو عبيدة: هي التي تَقصِف كلَّ شيء؛ أي: تَحطِم، وروى الطَّبَريُّ مِن طريق ابن جُرَيْج قال: قال ابن عَبَّاس: القاصف: التي تُفرِّق، هكذا رواه منقطعًا؛ لأنَّ ابنَ جُرَيْج لم يدرِكِ ابنَ عَبَّاس.
          (ص) {لَواقِحَ} مَلاقِحَ مُلْقِحَة.
          (ش) أشار به إلى لفظ {لَواقِح} في قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنا الرِّياحَ لَواقِحَ}[الحجر:22]، وفسَّر (اللواقحَ) بـ(المَلاقِح) جمع / (مُلْقِحَة)، وهو مِن النوادر، يقال: ألقح الفَحْلُ الناقةَ، والريحُ السحابَ، ورياحٌ لواقحُ، وقال ابن السِّكِّيت: «اللواقح» الحوامل، وعن أبي عبيدة: «الملاقح» جمع «مُلقحة» و«مُلقِح»؛ مثل ما قال البُخاريُّ، وأنكره غيرُه، فقال: جمع «لاقحة» و«لاقح» على النسب؛ أي: ذات اللِّقاح، والعربُ تقول للجَنوب: لاقحٌ وحاملٌ، وللشَّمال: حائلٌ وعقيمٌ، وقال ابن مسعود: «لواقح» تحمل الريح الماء، فتلقح السحاب، وتمرُّ به فيدرُّ؛ كما تدرُّ اللقحة، ثُمَّ يمطر، وقال ابن عَبَّاس: تلقح الرياحُ الشجرَ والسحابَ وتمرُّ به، [وقال عبد الله بن عُمَر: الرياح ثمانية؛ أربعٌ عذابٌ، وأربعٌ رحمةٌ؛ فالرحمة: الناشرات] والذاريات، والمرسلات، والمبشِّرات، وأَمَّا العذاب؛ فالعاصف والقاصف؛ وهما في البحر، والصرصر والعقيم؛ وهما في البرِّ.
          (ص) {إعْصارٌ} ريحٌ عاصِفٌ تَهُبُّ مِنَ الأرْضِ إلى السَّماءِ؛ كعَمُودٍ فيهِ نارٌ.
          (ش) أشارَ بهذا إلى تفسير لفظ ({إِعْصارٌ}) في قوله تعالى: {فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ}[البقرة:266]، وعن ابن عَبَّاس: هي الريح الشديدة، وقيل: ريحٌ عاصفٌ فيها سَموم، وقيل: هي التي يُسمِّيها الناسُ الزوبعةَ، وعن الضحَّاك: الإعصار ريحٌ فيها بردٌ شديدٌ، والذي قاله البُخاريُّ أظهرُ؛ لقوله تعالى: [{فِيهِ نارٌ}[البقرة:266]، وهو تفسير أبي عُبيدة.
          (ص) {صِرٌّ} بَرْدٌ.
          (ش) أشار به إلى تفسير لفظ: ({صرٌّ}) في قوله تعالى]
: {رِيحٍ فِيها صِرٌّ}[آل عِمْران:117]، قال أبو عُبيدة: (الصِّرُّ) شدُّة البَرْد.
          (ص) {نُشُرًا} مُتَفَرِّقَةً.
          (ش) فسَّر ({نُشُرًا}) الذي في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ نُشُرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}[الأعراف:57] الذي وضعه ترجمةً بقوله: (مُتَفَرِّقَة) وهو جمع (نشور)، وعن عاصم: كأنَّه جمع (نُشْر)، وعن مُحَمَّد اليمانيِّ: هو المطر.