عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب طرح جيف المشركين في البئر ولا يؤخذ لهم ثمن
  
              

          ░21▒ (ص) باب طَرْحِ جِيَفِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْبِئْرِ، وَلَا يُؤْخَذُ لَهُمْ ثَمَنٌ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان جواز طرح جِيَف المشركين في البئر.
          و(الجِيَف) بكسر الجيم وفتح الياء آخر الحروف، جمع (جيفة).
          قوله: (وَلَا يُؤْخَذُ لَهُمْ ثَمَنٌ) أي: لا يجوز أخذُ الفداء فيها مِنَ المشركين؛ إذ كان أصحاب قَليب بدرٍ رؤساءَ مشركِي مكَّة، ولو مُكِّنَ أهلُهم مِن إخراجِهم مِنَ البئر ودفنِهم؛ لبذلوا في ذلك كثيرَ المال، وإِنَّما لا يجوز أخذُ الثمن فيها؛ لأنَّها ميتةٌ لا يجوز تملُّكها ولا أخذ عوضٍ عنها، وقد حرَّم الشارعُ ثمنَها وثمنَ الأصنام في حديث جابرٍ، وفي «التِّرْمِذيِّ» مِن حديث ابن أبي ليلى عن الحكَم عن مِقسَمٍ عن ابن عَبَّاسٍ: أنَّ المشركين أرادوا أن يشتروا جسدَ رجلٍ مِنَ المشركين، فأبى صلعم أن يبيعَهم إيَّاه، وقال أحمد: لا يحتجُّ بحديث ابن أبي ليلى، وقال البُخَاريُّ: هو صدوقٌ، ولكن لا يُعرَف صحيحُ حديثِه مِن سقيمِه، وذكر ابن إسحاق في «المغازي»: أنَّ المشركين سألوا النَّبِيَّ صلعم أن يبيعهم جسدَ نوفل بن عبد الله بن المغيرة، وكان اقتحم الخندقَ، فقال النَّبِيُّ صلعم : «لا حاجةَ لنا بثمنه ولا جسدِه»، وقال ابن هشامٍ: بلَغَنا عن الزُّهْريِّ أنَّهم بذلوا فيه عشرةَ آلافٍ.