الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب المكاتب وما لا يحل من الشروط التي تخالف كتاب الله

          ░17▒ (بَاب الْمُكَاتَبِ) أي: بيان حُكمِه (وَمَا لاَ يَحِلُّ) بفتح التحتية وكسر الحاء المهملة؛ أي: لا يجوزُ (مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي تُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ) أي: حُكمَ كتابِه، أعمُّ من كونِه نصاً أو استِنباطاً، وهذا البابُ أعمُّ مما تقدَّمَ في شروطِ المكاتَبِ وفي العتق، والحديثُ واحدٌ في الأبواب الثلاثة، وأراد هنا بالترجمة تفسيرَ قولِه في حديثِها: ((ليس في كتابِ الله)) بأنه ما خالَفَ كتابَ الله، وقد استظهَرَ على ذلك بما نقَلَه عن عمرَ أو ابنِه، أشارَ إلى جميعِ ذلك في ((الفتح)).
          (وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ☻ فِي الْمُكَاتَبِ) أي: في شأنِه، وقوله: (شُرُوطُهُمْ) أي: المكاتَبين وساداتِهم، مبتدأ (بَيْنَهُمْ) أي: معتبَرةٌ بينهم، خبرُ المبتدأ، وهذا الأثرُ وصَلَه سفيانُ الثوريُّ في كتاب الفرائض له من طريق مجاهدٍ عن جابرٍ، قال في ((الفتح)): ووقعَ لنا مرويًّا من طريقِ قَبيصةَ عنه.
          (وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ) أي: عبدُ الله (أَوْ عُمَرُ) أي: والدُه، ابنِ الخطَّاب، شكٌّ من البخاريِّ (كُلُّ شَرْطٍ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ) أي: حُكمَ كتابِه تعالى (فَهْوَ بَاطِلٌ) أي: غيرُ معتبَرٍ، فلا يعمَلُ به (وَإِنِ اشْتَرَطَ) أي: المشترِطُ (مِائَةَ شَرْطٍ) وهذه الغايةُ ليست للتقييدِ، بل مثلُها الأقلُّ والأكثر.
          تنبيه: ما ذكرَه بالشكِّ هو روايةُ الأكثر، ورواه النَّسَفيُّ بلفظ: <وقال ابنُ عمرَ> من غيرِ شكٍّ.
          (وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) أي: البخاريُّ (يُقَالُ عَنْ كِلَيْهِمَا) أي: عن عمرَ وابنِه بالجمع بينهما من غيرِ شكٍّ ولا إسقاطٍ، أو عن عمرَ، وهذا روايةُ كريمةَ، وسقط لأبي ذرٍّ: <وقال أبو عبد الله...> إلخ.