جنى الجنتين ومجمع البحرين في تجريد متون الصحيحين

حديث: لما فرغ النبي من حنين، بعث أبا عامر على جيشٍ إلى أوطاس

          1192- الإمامان: عن أبي موسى قال: لما فرغ النبي صلعم من حنين، بعث أبا عامر على جيشٍ إلى أوطاس، فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريدٌ، وهزم الله أصحابه، قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر، فرمي أبو عامرٍ في ركبته، رماه جشمي بسهمٍ فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عم، من رماك؟ فأشار إلى أبي موسى فقال: ذاك قاتلي الذي رماني، فقصدت له فلحقته، فلما رآني ولى، فاتبعته، وجعلت أقول له: ألا تستحيي؟ ألا تتثبت؟ فكف فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته، ثم قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك، قال: فانتزع هذا السهم، فنزعته فنزا منه الماء(1)، قال: يا ابن أخي،أقر النبي صلعم السلام، وقل له: يستغفر لي واستخلفني أبو عامر على الناس، فمكث يسيراً ثم مات.
          فرجعت فدخلت على النبي صلعم في بيته على سريرٍ مرمل(2)، وعليه فراش، قد أثر رمال السرير بظهره وجنبيه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر، وقال: قل له: يستغفر لي، فدعا بماء، فتوضأ، ثم رفع يديه ((اللهم اغفر لعبيد أبي عامر)) حتى رأيت بياض إبطيه، ثم قال: ((اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثيرٍ من خلقك _أو من الناس_)) فقلت: ولي فاستغفر، فقال: ((اللهم اغفر لعبد الله بن قيسٍ ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريمًا)) قال أبو بردة: إحداهما لأبي عامر والأخرى لأبي موسى.
          وفي لفظ مسلم: رماه رجل من بني جشم، وفيه: فلما رآني ولى عني ذاهباً فلحقته فجعلت أقول له: ألا تستحيي ألست عربياً ألا تثبت، وفيه: انطلق إلى رسول الله فأقره(3)مني السلام، وقل له: يقول لك: استغفر لي.
          قال البخاري: في شوال سنة ثمان، قاله موسى بن عقبة. [خ¦2884]


[1] في هامش الأصل: ((أثبته أي: حبسه بالطعنة التي طعنها والرمية .
نزا منه الماء أي: وثب؛ يعني خرج الماء من جرحه)).
[2] في هامش الأصل: ((سرير مرمل قد نسج وجهه بالسعف، يقال: أرملت النسج أرمله إذا باعدت بين الأشياء المنسوج منها فهو مرمل ورماله ما نسج في وجهه من ذلك ويقال رملته لغة في أرملته ورملته شدد للكثرة والرمال بكسر الراء بمعنى مرمول وهو جمع رمل كقوله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللهِ} أي: مخلوقه .
قال ابن الأثير: ورأيت في كتاب البخاري وأمّن الناس وقد ضبطها وقيدها وذلك بخلاف الوارد في الكتاب)).
[3] لعل الصواب: ((فأقرئه)).