جنى الجنتين ومجمع البحرين في تجريد متون الصحيحين

حديث: بعث رسول الله رهطاً إلى أبي رافع

          1101- البخاري: عن البراء قال: بعث رسول الله صلعم رهطاً إلى أبي رافع(1)، فدخل عليه عبد الله بن عتيك بيته ليلاً وهو نائم فقتله.
          وفي رواية: قال: بعث رسول الله صلعم إلى أبي رافع اليهودي رجالاً من الأنصار، وأمر عليهم عبد الله بن عتيك، وكان أبو رافع يؤذي رسول الله صلعم ويعين عليه، وكان بحصن له بأرض الحجاز، فلما دنوا منه _وقد غربت الشمس، وراح الناس بسرحهم_ قال عبد الله لأصحابه: اجلسوا مكانكم، فإني منطلقٌ ومتلطف للبواب، لعلي أن أدخل، فأقبل حتى دنا من الباب، ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجة، وقد دخل الناس، فهتف به البواب: يا عبد الله، إن كنت تريد أن تدخل فادخل، فإني أريد أن أغلق الباب، فدخلت فمكثت، فلما دخل الناس أغلق الباب، ثم علق الأغاليق على ود، قال: فقمت إلى الأقاليد فأخذتها، ففتحت الباب، وكان أبو رافع يسمر عنده، وكان في علالي له، فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه، فجعلت كلما فتحت باباً أغلقت علي من داخل، قلت: إن القوم نذروا بي، لم يخلصوا إلي حتى أقتله، فانتهيت إليه، فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله، لا أدري أين هو من البيت قلت: أبا رافع، قال: من هو؟ فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف وأنا دهشٌ، فما أغنيت شيئاً، وصاح، فخرجت من البيت، فأمكث غير بعيد، ثم دخلت إليه، فقلت: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ فقال: لأمك الويل، إن رجلاً في البيت ضربني قبل بالسيف، قال: فأضربه ضربة أثخنته ولم أقتله، ثم وضعت ضبيب(2)السيف(3) في بطنه، حتى أخذ في ظهره، فعرفت أني قتلته، فجعلت أفتح الأبواب باباً باباً، حتى انتهيت إلى درجة له، فوضعت رجلي وأنا أرى أني قد انتهيت إلى الأرض، فوقعت في ليلة مقمرة، فانكسرت ساقي، فعصبتها بعمامة، ثم انطلقت حتى جلست على الباب فقلت: لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتلته، فلما صاح الديك قام الناعي على السور فقال: أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز، فانطلقت إلى / أصحابي فقلت: النجاء، قد قتل الله أبا رافع، فانتهيت إلى النبي صلعم فحدثته، فقال: ((ابسط رجلك)) فبسطت رجلي فمسحها، فكأنها لم أشتكها قط.
          وفي رواية: قال: بعث رسول الله صلعم إلى أبي رافعٍ، عبد الله بن عتيكٍ وعبد الله بن عتبة في أناسٍ معهم، فانطلقوا حتى دنوا من الحصن، فقال لهم عبد الله بن عتيكٍ: امكثوا أنتم حتى أنطلق أنا فأنظر، قال: فتلطفت أن أدخل الحصن، ففقد حماراً لهم _قال_ فخرجوا بقبسٍ يطلبونه _قال_ فخشيت أن أعرف، فغطيت رأسي وجلست كأني أقضي حاجةً، ثم نادى صاحب الباب من أراد أن يدخل فليدخل قبل أن أغلقه، فدخلت ثم اختبأت في مربط حمارٍ عند باب الحصن، فتعشوا عند أبي رافعٍ وتحدثوا حتى ذهب ساعةٌ من الليل، ثم رجعوا إلى بيوتهم، فلما هدأت الأصوات ولا أسمع حركةً خرجت _قال_ ورأيت صاحب الباب حيث وضع مفتاح الحصن، في كوةٍ فأخذته ففتحت به باب الحصن _قال_ قلت: إن نذر بي القوم انطلقت على مهلٍ، ثم عمدت إلى أبواب بيوتهم، فغلقتها عليهم من ظاهرٍ، ثم صعدت إلى أبي رافعٍ في سلمٍ، فإذا البيت مظلمٌ قد طفئ سراجه، فلم أدر أين الرجل، فقلت: يا أبا رافعٍ، قال: من هذا؟ قال _فعمدت نحو الصوت فأضربه_ وصاح فلم تغن شيئاً _قال_ ثم جئت كأني أغيثه، فقلت: ما لك يا أبا رافعٍ؟ وغيرت صوتي، فقال: ألا أعجبك لأمك الويل، دخل علي رجلٌ فضربني بالسيف _قال_ فعمدت له أيضاً فأضربه أخرى فلم تغن شيئاً، وصاح وقام أهله _قال_ ثم جئت وغيرت صوتي كهيئة المغيث، فإذا هو مستلقٍ على ظهره، فأضع السيف في بطنه ثم أنكفئ عليه حتى سمعت صوت العظم، ثم خرجت دهشاً حتى أتيت السلم أريد أن أنزل، فأسقط منه فانخلعت رجلي فعصبتها، ثم أتيت أصحابي أحجل، فقلت: انطلقوا فبشروا رسول الله صلعم فإني لا أبرح حتى أسمع صوت الناعية، فلما كان في وجه الصبح صعد الناعية، فقال: أنعى أبا رافعٍ _وفي نسخة: أن أبا رافع قد مات قال_ فقمت أمشي ما بي قلبةٌ، فأدركت أصحابي قبل أن يأتوا النبي صلعم فبشرته. (4) [خ¦4038]


[1] في هامش الأصل: ((قيل: أبي رافع: عبد الله بن أبي الحقيق، ويقال: سلام بن أبي الحقيق، كان بخيبر، ويقال: إنه كان في حصن له بأرض الحجاز، وقال الزهري: هو بعد كعب بن الأشرف .
التوشح بالرداء هو أن يجعله له كالوشاح وهو شيء مضفور من سيور مرصع تجعله المرأة على خصرها فإذا جعل الرداء في ذلك الموضع كان متوشحاً به .
نفح الطيب: إذا فاحت رائحته)).
[2] في هامش الأصل: في نسخة: ((ظبة)).
[3] في هامش الأصل: ((السرح: المواشي؛ لأنها تسرح نهاراً في المرعى .
الأغاليق والأقاليد: المفاتيح .
الود: الوتد في لغة تميم .
ظبة السيف: طرفه وجمعها ظبىً، وضبيب السيف: اختلف فيه والصحيح أنه بالصاد المهملة وهو طرفه)).
[4] في هامش الأصل: ((نذر القوم بفلان: إذا علموا به .
انكفىء ينكفئ انكفاءً إذا رجع من حيث جاء .
الناعية النادبه والنائحة والجمع النعايا ويكون للرجل والهاء فيه زائدة للمبالغة .
ما به قلبة أي: ما به شيء من ألم يحتاج أن يقلب ليبصر وقيل هو من القلب وهو داء يأخذ البعير في قلبه فيموت)).