جنى الجنتين ومجمع البحرين في تجريد متون الصحيحين

حديث: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني

          1075- مسلم: عن ابن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب، قال: لما كان يوم بدرٍ، نظر رسول الله صلعم إلى المشركين وهم ألفٌ وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل نبي الله صلعم القبلة، ثم مد يديه، فجعل يهتف بربه، يقول: ((اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض)) فما زال يهتف بربه مادا يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله، كذاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله ╡: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ}[الأنفال:9] فأمده الله بالملائكة، قال سماك: فحدثني ابن عباس، قال: بينما رجلٌ من المسلمين يومئذٍ يشتد في أثر رجلٍ من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس، يقول: أقدم حيزوم، إذ نظر إلى المشرك أمامه خر مستلقياً، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه، لضربة السوط، فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري، فحدث بذلك رسول الله صلعم فقال: ((صدقت، ذاك من مدد السماء الثالثة)) فقتلوا يومئذٍ سبعين، وأسروا سبعين، قال ابن عباس: فلما أسروا الأسارى، قال رسول الله صلعم لأبي بكر وعمر: ((ما ترون في هؤلاء الأسارى؟)) فقال أبو بكر: يا رسول الله، هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية، فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم إلى الإسلام، فقال رسول الله صلعم: ((ما ترى يا ابن الخطاب؟)) قال: قلت: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم، فتمكن علياً من عقيلٍ، وتمكنني من فلان _نسيباً لعمر_ فأضرب عنقه؛ فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها(1)، فهوي رسول الله صلعم ما قال أبو بكر ولم يهو ما / قلت، فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول الله وأبو بكر قاعدين يبكيان، فقلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيءٍ تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله صلعم: ((أبكي للذي عرض على أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة _لشجرة قريبة من نبي الله صلعم_)) وأنزل الله ╡: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} [الأنفال:67] إلى قوله {فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ}[الأنفال:69] وأحل الله الغنيمة لهم.


[1] في هامش الأصل: ((حيزوم اسم فرس من خيل الملائكة الذين مدَّ الله بهم المسلمين يوم بدر .
الحطم بالحاء المهملة الدق والكسر وبالخاء المعجمة الأثر على الأنف .
الصناديد: جمع صنديد وهو السيد الشجاع)).