جنى الجنتين ومجمع البحرين في تجريد متون الصحيحين

حديث: إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة

          1143- البخاري: عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان: يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا: خرج النبي صلعم زمن الحديبية، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلعم: ((إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين)) فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيراً لقريش، وسار النبي صلعم، حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته، فقال الناس: حل، حل، فألحت، فقالوا: خلأت القصواء، خلأت القصواء، فقال النبي صلعم: ((ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل)) ثم قال: ((والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها)) ثم زجرها فوثبت، قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية، على ثمدٍ قليل الماء، يتبرضه الناس تبرضاً، فلم يلبث الناس حتى نزحوه، وشكي إلى رسول الله صلعم العطش، فانتزع سهما من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه، فبينا هم كذلك، إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة، وكانوا عيبة نصح رسول الله صلعم من أهل تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية، معهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله صلعم: ((إنا لم نجئ لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب وأضرتهم، فإن شاؤوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر عليهم فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا، وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي(1)، ولينفذن الله أمره)) فقال بديل: سأبلغهم ما تقول، فانطلق حتى أتى قريشاً فقال: إنا قد جئناكم من هذا الرجل، وقد سمعناه، يقول قولاً، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا: فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء.
          وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول قال: سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم بما قال النبي صلعم، فقام عروة بن مسعود فقال: أي قوم، ألستم بالوالد؟ / قالوا: بلى، قال: أو لست بالولد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتهموني؟ قالوا: لا، قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ، فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى، قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد، اقبلوها ودعوني آته، قالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلم النبي صلعم، فقال النبي صلعم نحواً من قوله لبديل، فقال عروة عند ذلك: أي محمد، أرأيت إن استأصلت أمر قومك، هل سمعت بأحدٍ من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى فإني والله لأرى وجوهاً، وإني لأرى أوباشاً(2)من الناس لخليقاً أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: امصص ببظر اللات(3)، أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قال: أبو بكر، فقال: أما والذي نفسي بيده، لولا يدٌ كانت لك عندي ولم أجزك بها لأجبتك، قال: وجعل يكلم النبي صلعم، فكلما كلمه أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلعم ومعه السيف، وعليه المغفر فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية رسول الله ضرب يده بنعل السيف وقال: أخر يدك عن لحية رسول الله، فرفع عروة رأسه، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة، فقال: أي غدر، ألست أسعى في غدرتك؟ وكان المغيرة صحب قوماً في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلعم: ((أما الإسلام فأقبل وأما المال فلست منه في شيء)) ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلعم بعينه، قال: فوالله ما تنخم رسول الله صلعم نخامةً إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، فإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له.
          فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على كسرى وقيصر والنجاشي، والله إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظمون أصحاب محمد محمداً، والله إن تنخم نخامةً إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشدٍ فاقبلوها.
          فقال رجل من بني كنانة: دعوني آته، فقالوا: ائته، فلما أشرف على النبي صلعم وأصحابه قال رسول الله: ((هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن، فابعثوها له)) واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلدت(4) وأشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت.
          فقام رجل منهم، يقال له: / مكرز بن حفص قال: دعوني آته: فقالوا: ائته، فلما أشرف عليهم، قال النبي صلعم: ((هذا مكرز بن حفص، وهو رجلٌ فاجرٌ)) فجعل يكلم النبي صلعم، فبينا هو يكلمه جاء سهيل بن عمرو، قال معمر: أخبرني أيوب عن عكرمة: أنه لما جاء سهيل، قال النبي صلعم: ((قد سهل لكم من أمركم)) قال معمر: قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينكم كتاباً، فدعا النبي صلعم الكاتب، فقال النبي صلعم: ((اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم)) فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال النبي صلعم: ((اكتب: باسمك اللهم)) ثم قال: ((هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله)) فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النبي صلعم: ((والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله)) قال الزهري: وذلك لقوله: ((لا يسألوني خطةً يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها)) قال النبي صلعم: ((على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به)) فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطةً، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، وقال سهيل: وعلى ألا يأتيك منا رجل _وإن كان على دينك_ إلا رددته إلينا، قال المسلمون: سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما؟ فبينا هم كذلك، إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى نفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي، قال: فقال النبي صلعم: ((إنا لم نقض الكتاب بعد)) قال: فوالله إذاً لا أصالحك على شيءٍ أبداً، قال النبي صلعم: ((فأجزه لي(5))) قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: ((بلى)) قال: ما أنا بفاعل، قال مكرزٌ بن حفص، بلى قد أجزناه لك، قال أبو جندل: أي معشر المسلمين، أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذاباً شديداً في الله.
          قال: فقال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله صلعم فقلت: ألست نبي الله حقاً؟ قال: ((بلى)) قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: ((بلى)) قلت: فلم نعط الدنية في ديننا إذاً؟ قال: ((إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري)) قلت: أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: ((بلى، قال فأخبرتك أنك تأتيه العام؟)) قلت: لا، قال: ((فإنك آتيه وتطوفٌ به)) قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر، أليس هذا نبي الله حقاً؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نعط الدنية في ديننا إذاً؟ قال: أيها الرجل، إنه رسول الله، / ولن يعص(6)ربه، وإنه ناصره، فاستمسك بغرزه(7)، فوالله إنه على الحق، قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، فأخبرك أنه يأتيه(8)العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه وتطوفٌ به، قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً.
          قال: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلعم لأصحابه: ((قوموا، فانحروا ثم احلقوا)) قال: فوالله ما قام منهم رجلٌ، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحدٌ، دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك؟ اخرج، ولا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، قال: فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك: نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً، ثم جاءه نسوة مؤمناتٌ، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} حتى بلغ: {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[الممتحنة:10] فطلق عمر يومئذٍ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحديهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية(9).
          ثم رجع النبي صلعم إلى المدينة، فجاء أبو بصير _رجل من قريش_ وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذات(10)الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا جيداً، فاستله الآخر فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت، فقال: أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال النبي صلعم حين رآه: ((لقد رأى هذا ذعراً)) فلما انتهى إلى النبي صلعم قال: قتل _والله_ صاحبي، وإني لمقتول، فجاء أبو بصير وقال: يا نبي الله، قد أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم، فقال النبي صلعم: ((ويل أمه، مسعر حربٍ، لو كان له أحدٌ)) فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر(11)، قال: وتفلت منهم أبو جندل بن سهيل، حتى لحق بأبي بصير، فكان لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعيرٍ خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها، فقتولهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلعم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم، فمن أتاه منهم فهو آمن، فأرسل النبي صلعم إليهم، وأنزل الله ╡: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم} حتى بلغ: {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ}[الفتح:24-26] وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا بـ((بسم الله الرحمن الرحيم)) / وحالوا بينهم وبين البيت.
          وقال عقيل عن الزهري: قال عروة: فأخبرتني عائشة أن رسول الله صلعم: كان يمتحنهن، وبلغنا أنه لما أنزل الله أن يردوا على المشركين ما أنفقوا على من هاجر من أزواجهن(12)، وحكم على المسلمين ألا يمسكوا بعصم الكوافر، أن عمر طلق امرأتين: قريبة بنت أبي أمية، وابنة جرول الخزاعي، فتزوج قريبة معاوية، وتزوج الأخرى أبو جهم، فلما أبى الكفار أن يقروا بأداء ما أنفق المسلمون على أزواجهم، أنزل الله ╡: {وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ}[الممتحنة:11]_والعقاب: ما يؤدي المسلمون إلى من هاجرت امرأته من الكفار_ فأمر أن يعطى من ذهب له زوجٌ من المسلمين ما أنفق من صداق نساء الكفار اللائي هاجرن، وما نعلم أحداً من المهاجرات ارتدت بعد إيمانها، قال: وبلغنا أن أبا بصير بن أسيد الثقفي قدم على النبي صلعم مؤمناً مهاجراً في المدة، فكتب الأخنس بن شريق إلى النبي صلعم يسأله أبا بصير... فذكر الحديث.
          وفي رواية: أن عروة سمع مروان والمسور يخبران عن أصحاب رسول الله صلعم قالا: لما كاتب سهيل بن عمرو يومئذٍ، كان فيما اشترط سهيل على النبي صلعم: أنه لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا، وخليت بيننا وبينه، فكره المؤمنون ذلك، وامتعضوا منه، وأبى سهيلٌ إلا ذلك، فكاتبه النبي صلعم على ذلك، فرد يومئذٍ أبا جندل إلى أبيه سهيل، ولم يأته أحدٌ من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلماً، وجاء المؤمنات مهاجرات، وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله صلعم يومئذٍ وهي عاتقٌ(13)، فجاء أهلها يسألون النبي صلعم أن يرجعها إليهم، فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن: {إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} إلى {وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}[الممتحنة:10]، قال عروة: فأخبرتني عائشة: أن رسول الله صلعم كان يمتحنهن بهذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} إلى: {غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[الممتحنة:10-12] قال عروة: قالت عائشة: فمن أقر بهذا الشرط منهن، قال لها رسول الله صلعم: ((قد بايعتك)) كلاماً يكلمها به، والله ما مست يده يد امرأةٍ قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله.
          وفي رواية عبد الرزاق: مختصر من حديث المسور وحده: أن رسول الله صلعم نحر قبل أن يحلق، وأمر بذلك أصحابه.
          وفي رواية: عن عروة: أنه سمع مروان والمسور يخبران خبراً من خبر رسول الله صلعم في غزوة الحديبية، فذكر نحو الرواية التي قبلها، ولم يسأل عن أصحاب رسول الله صلعم.
          وفي حديث سفيان الذي ثبته فيه معمر عن الزهري: أن المسور بن مخرمة ومروان _يزيد أحدهما على صاحبه_ قالا: خرج النبي صلعم في بضع عشرة مائة / من أصحاب النبي صلعم، فلما أتى ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره، وأحرم منها بعمرة، وبعث عيناً له من خزاعة، وسار النبي صلعم، حتى كان بغدير الأشطاط تلقاه عينه فقال: إن قريشاً قد جمعوا لك جموعاً، وقد جمعوا لك الأحابيش، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ومانعوك، فقال: ((أشيروا أيها الناس علي، أترون أن أميل على عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت، فإن يأتونا كان الله قد قطع جنباً(14)من المشركين، وإلا تركناهم محروبين(15))) قال أبو بكر: يا رسول الله، خرجت عامداً لهذا البيت، لا تريد قتال أحد ولا حرب أحد فتوجه له، فمن صدنا عنه قاتلناه، قال: ((امضوا على اسم الله)).
          وفي رواية: طرف من أوله: قالا: خرج النبي صلعم من المدينة في بضع عشرة مائة من أصحابه، حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد الهدي، وأشعر، وأحرم بالعمرة لم يزد.
          زاد في أخرى: وأحرم منها، لا أحصي كم سمعته من سفيان حتى سمعته يقول: لا أحفظ من الزهري الإشعار والتقليد، قال: ولا أدري؛ _يعني: موضع الإشعار والتقليد_ أو الحديث كله. [خ¦2731] [خ¦2732]


[1] في هامش الأصل: ((قترة الجيش هو: الغبار الساطع منه ولا تكون القتره إلا مع سواد في اللون .
الثنية: الطريق العريض في الجبل .
حل: زجر للناقة وحوب زجر للجمل .
ألحَّ البعير: إذا حرن وقيل إنما يقال ذلك للجمل فأما الناقة فإنما يقال لها خلأت .
القصواء: اسم ناقة رسول الله صلعم ولم [تكن] قصواء أي: مشقوقة الأذن وإنما كان هذا لقباً لها .
الخطة الحالة والقضية والطريقة .
الثمد [الماء] القليل الذي لا مادة له .
التبرض: أخذ الشيء قليلاً قليلاً وهو أيضاً التبلغ بالشيء القليل .
جاشت البئر بالماء: ارتفعت وفاضت .
يقال: فلان عيبة نصح فلان: إذا كان موضع سره وثقته في ذلك .
الماء العد الكثير الذي [لا انقطاع فيه] كما العيون وجمعه أعداد .
العوذ: جمع عائذ وهي: الناقة إذا وضعت إلى أن يقوى ولدها .
المطافيل: جمع مطفل وهي: الناقة التي معها فصيلها فاستعار ذلك للناس أراد به النساء والصبيان .
نهكته الحرب تنهكه أي: أضرت به وأثرت فيه من نهك الحمى وهو ألمها وضررها .
ماددت القوم أي: جعلت بينك وبينهم مدة .
جموا: استراحوا والحمام الراحة بعد التعب .
السالفة: صفحة العتق وانفرادها كنى به عن الموت لأنها لا تنفرد عما يليها إلا بالموت)).
[2] في هامش الأصل: في نسخة البخاري: ((أشوابا)).
[3] في هامش الأصل: ((استنفرت القوم: دعوتهم إلى قتال العدو .
أصل التبليح: الإعياء والفتور والمراد به امتناعهم من إجابة وتقاعدهم به وفيه لغة أخرى بلحوا بالتخفيف .
الاجتياح: إيقاع المكروه بالإنسان ومنه الجائحة والاجتياح والاستبعاد متقاربان في مبالغة الأذى .
الأشواب والأوباش والأوشاب: سواء وهم الأخلاط من الناس والرعاع .
خطة رشد وخطة غي والرُشد والرَشد خلاف الغي والضلال والمراد أنه قد طلب منكم طريقاً واضحاً في الهدى والاستقامة .
لخليقاً: يقال: فلان خليق بكذا أي جدير لا يبعد ذلك من خلقه .
اللات: صنم كانوا يعبدونه والبظر ما تبقيه الخافضة من الهنة التي تكون في فرج المرأة وكان هذا [شتم] إليهم [ويجري] في ألسنتهم)).
[4] في هامش الأصل: ((تقليد البدن هو: أن يجعل في رقابها شيء كالقلادة من لحاء الشجر وغيره ليعلم أنه هدي والإشعار شق جانب السنام وإسالة دمه ليعلم أنه هدي)).
[5] في هامش الأصل: ((قاضى فاعل من القضاء وهو: إحكام الأمر وإمضاؤه، قال الأزهري: قضى في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه .
الضغطة: القهر والصبر .
رسف المقيد في قيده: إذا مشى فيه .
فأجزه: يجوز أن يكون بالزاي والراء أما بالزاي فمعناه من الإجازة أي: اجعله جائزاً غير ممنوع ولا محرم أو عبره أو أطلقه وإن كان بالراء المهملة فمعناه من الإجارة الحماية والحفظ وكلاهما صالح في هذا المعنى)).
[6] لعل الصواب: ((يعصي)).
[7] في هامش الأصل: ((الدنية: القضية التي لا يرضى بها ولا تراد .
الغرز: يكون للناقة كالركاب يسرج الفرس إلا أنه من جلد فإذا كان من حديد أو خشب فهو ركاب)).
[8] لعل الصواب: ((أنك تأتيه)).
[9] في هامش الأصل: ((العصم جمع عصمه وهي: ما يتمسك به، والكوافر جمع كافرة وأراد بعصمها عقد نكاحها)).
[10] لعل الصواب: ((ذا)).
[11] في هامش الأصل: ((سيف البحر: جانبه وساحله .
مسعر الحرب: موقدها، يقال: سعرت النار وأسعرتها إذا أوقدتها والمسَعَّر الخشب الذي يوقد به النار، وقوله: (((ويل أمه)) كلمة يتعجب بها)).
[12] في هامش الأصل: ((هكذا جاء في الأصول وصوابه أزواجهم)).
[13] في هامش الأصل: ((الامتعاض: كراهية الشيء والغيظ منه .
العاتق من الجواري: التي أدركت فخدرت)).
[14] في هامش الأصل: في نسخة: ((عيناً)).
[15] في هامش الأصل: ((الأحابيش: الجماعات المجتمعة من قبائل شتى متفرقة .
الجنب: الأمر، يقال: ما فعلت هذا في جنب حاجتي أي: في أمر حاجتي والجنب [القطعة] من الشيء يكون معظمة أو شيئاً كثيراً منه .
المحروب: المسلوب، يقال: حرب فلان [ماله إذا] سلبه)).