إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة

          6338- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابنُ مسرهَدٍ قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) ابن عُليَّة قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيزِ) بن صهيبٍ (عَنْ أَنَسٍ ☺ ) أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ) أي: فليقطع بالسُّؤال، ولأحمد «الدُّعاء» بدل: «المسألة»، (وَلَا يَقُولَنَّ: اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي) بقطع الهمزة، أي: فلا يشكُّ في القبول بل يستيقنُ وقوع مطلوبه، ولا يعلِّق ذلك بمشيئةِ الله، وإن كان مأمورًا في جميعِ ما يريدُ فعله بمشيئة الله (فَإِنَّهُ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ) بكسر الراء، فينبغِي الاجتهادُ في الدُّعاء، وأن يكون الدَّاعي على رجاءِ الإجابة، ولا يقنط من رحمة الله(1) تعالى فإنَّه يدعو كريمًا ويلحُّ فيه ولا يَستثني، بل يدعو دعاءَ البائس الفقير.
          وفي التِّرمذيِّ _وقال: حديثٌ غريبٌ_ عن أبي هريرة مرفوعًا: «ادعُو اللهَ وأنتُم مُوقِنُون بالإجابَةِ(2)، واعلمُوا أنَّ اللهَ لا يستجِيبُ دُعاءً مِن قلبٍ غافِلٍ لاهٍ».
          قال التُّوربشتيُّ: أي: كونوا عند الدُّعاء على حالةٍ(3) تستحقُّون فيها(4) الإجابة، وذلك بإتيان المعروف، واجتنابِ المنكر، وغير ذلك من مُراعاة أركان الدُّعاء وآدابهِ، حتَّى تكون الإجابة على القلبِ أغلب من الرَّدِّ، أو المراد: ادعوهُ معتقدين وقوعَ الإجابة؛ لأنَّ الدَّاعي إذا لم يكن متحقِّقًا في الرِّجاء لم يكن رجاؤهُ صادقًا، وإذا لم يكن الرَّجاء صادقًا لم يكن الرَّجاء خالصًا والدَّاعي / مخلِصًا، فإنَّ الرَّجاء هو الباعثُ على الطَّلب، ولا يتحقَّق الفرعُ إلَّا بتحقُّق الأصل.
          والحديثُ أخرجهُ مسلمٌ في «الدَّعوات»، والنَّسائيُّ في «اليوم واللَّيلة».


[1] في (ص): «رحمته».
[2] في (ع): «الإجابة».
[3] في (ع) و(د): «حال».
[4] في (ع) و(د): «منها».