إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب الصلاة على النبي

          ░32▒ (باب الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلعم ) الصَّلاة لغةً: الدُّعاء. قال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}[التوبة:103] أي: ادعُ لهم، والدُّعاء نوعان: دعاء عبادةٍ، ودعاء مسألةٍ، فالعابدُ داعٍ كالسَّائل، وبهما فُسِّر قوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر:60] فقيل: أطيعوني أُثبْكم، وقيل: سلوني أُعطكم، وقد يُستعمل بمعنى الاستغفار، ومنه قوله ╕ : «إنِّي بعثتُ إلى أهلِ البقِيعِ لأصلِّي عليهِم» فقد فسِّر في الرِّواية(1) الأُخرى: «أمرتُ(2) أن أستَغفِرَ لهُم» وبمعنى القراءة، ومنه(3) قوله تعالى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ}[الإسراء:110] وإذا عُلِم هذا فليُعلَم أنَّ الصَّلاة يختلفُ حالها بحسبِ حال المصلِّي والمصلَّى له(4) والمصلَّى عليه.
          وقد سبق نقل البخاريِّ في «تفسير سورة الأحزاب» [خ¦4796]: عن أبي العاليةِ: أنَّ معنى صلاة الله تعالى على نبيِّه: ثناؤه عليه عندَ ملائكته، ومعنى صلاة الملائكةِ عليه: الدُّعاء له. ورجَّح القرافيُّ المالكيُّ أنَّ الصَّلاة من الله المغفرة / . وقال الإمام فخر الدِّين والآمديُّ: إنَّها الرَّحمة. وتعقِّب: بأنَّ الله تعالى غاير بين الصَّلاة والرَّحمة في قوله: {أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}[البقرة:157] وقال ابنُ الأعرابيِّ: الصَّلاة من الله الرَّحمة، ومن الآدميِّين وغيرهم من الملائكة والجنِّ الرُّكوع والسُّجود والدُّعاء والتَّسبيح، ومن الطَّير والهوامّ التَّسبيح، قال الله تعالى: {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ}[النور:41].


[1] في (ع): «الآية».
[2] «أمرت»: ليست في (د).
[3] «ومنه»: ليست في (د).
[4] «والمصلى له»: ليست في (د).