إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب التوبة

          ░4▒ (باب التَّوْبَةِ) سقط لفظ «باب» لأبي ذرٍّ، فـ ”التَّوبةُ“ رفع، وهي في الشَّرع تركُ الذَّنب لقُبحه، والنَّدمُ على ما فرَّط منه، والعزمُ على تركِ المعاودة، وتدارك ما أمكنَه أن يتداركه من الأعمالِ(1) بالإعادة(2)، وردِّ(3) الظُّلامات لذويها أو تحصيل البراءة منهم، وزاد عبدُ الله بن المبارك: وأن يعمدَ إلى البَدَنِ الَّذي ربَّاه بالسُّحت فيذيبه بالهمِّ والحزن حتَّى ينشأ له لحمٌ طيِّبٌ، وأن يُذيق نفسه ألم الطَّاعة كما أذاقَها لذَّة المعصية. انتهى. والتوبة: أهمُّ قواعد الإسلام، وهي أوَّل مقامات سالكي الآخرةِ وبها سعادة الأبد.
          (قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”وقال“ (قَتَادَةُ) فيما وصله عبد بن حميدٍ في تفسير قوله تعالى: ({(4)تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا}[التحريم:8]) أي: (الصَّادِقَةُ النَّاصِحَةُ) وقيل: هي الَّتي لا عود بعدها كما لا يعود اللَّبن إلى الضَّرع، وقيل: الخالصة، وقال الحسنُ: النَّصوح: أن يبغض الذَّنب الَّذي أحبَّه ويستغفر منه إذا ذكره، وقيل: {نَّصُوحًا} من نصاحة الثَّوب، أي: توبةً تَرْفو خُروقَك في دينكَ وترمُّ خللكَ، ويجوز أن يراد توبةً تنصح النَّاس، أي: تدعوهم إلى مثلِها لظهور أثرها في صاحبهَا، واستعماله(5) الجدَّ والعزيمة في العملِ على مُقتضاها، وسقط «{تُوبُوا إِلَى اللهِ}» لأبي ذرٍّ.


[1] في (س) زيادة: «بالأعمال».
[2] في (د): «بالعبادة» وفي الهامش مِن نسخة: «بالإعادة».
[3] في (ل): «ويَرُدُّ».
[4] في (ص) زيادة: «{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}».
[5] في (ع) و(د): «واستعمال».