إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى رجلان دون الآخر

          6290- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ بالإفراد (عُثْمَانُ) ابنُ أبي شيبة قال: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) بفتح الجيم، ابن عبد الحميد (عَنْ مَنْصُورٍ) هو ابنُ المعتمر (عَنْ أَبِي وَائِلٍ) شقيق بنِ سلمة (عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعودٍ ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً) بالنَّصب، مصحَّحًا(1) عليه في الفرع كأصله (فَلَا يَتَنَاجَى رَجُلَانِ دُونَ الآخَرِ) بالياء والألف بعد جيم «يتناجى» في الفرع كأصله، ولأبي ذرٍّ عن الكشميهنيِّ: ”فلا يتناج“ بجيم فقط من غير شيءٍ بعدها (حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ) بالفوقيَّة قبل الخاء المعجمة الساكنة في الفرع مصلحة على كشطٍ بالتَّحتية، أي: حتَّى(2) يختلطَ الثَّلاثة بغيرهم، وهو أعمُّ من أن يكون واحدًا فأكثر (أَجْلَ) بفتح الهمزة وسكون الجيم بعدها لام مفتوحة، كذا استعملته العربُ فقالوا: أَجل قد فضَّلكم، بحذف من، أي: من أجل (أَنْ يُحْزِنَهُ) بضم التحتية وكسر الزاي وبفتح ثمَّ ضم، من أحزن وحزن، والعلَّة ظاهرةٌ؛ لأنَّ الواحدَ إذا بقي فردًا وتناجى من عداه دونه أحزنَه ذلك، إمَّا لظنِّه احتقارهم إيَّاه عن أن يُدخلوه في نجواهُم، وإمَّا لأنَّه قد يقعُ في نفسه أنَّ سرَّهم في مضرَّته، وهذا المعنى مأمونٌ عند الاختلاطِ وعدم إفراده من بين القومِ بترك المُناجاة، فلا يتناجى ثلاثةٌ دون واحدٍ، ولا عشرةٌ _كما نقل عن أشهب_ لأنَّه قد نهى أن يَتْرُك واحدًا(3)؛ لأنَّ المعنى في ترك الجماعةِ للواحدِ كترك الاثنين للواحدِ، ومهما وجدَ المعنى فيه أُلْحق بهِ في(4) الحُكم.
          والحديثُ أخرجه مسلمٌ في «الاستئذان».


[1] في (ص) و(ع) و(د): «مصحح».
[2] في (ع): «حين».
[3] في (د): «واحد».
[4] «في»: ليست في (ص).