إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب من لم يسلم على من اقترف ذنبًا

          ░21▒ (بابُ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى مَنِ اقْتَرَفَ ذَنْبًا) اكتسبهُ (وَمَن لَمْ يَرُدَّ سَلَامَهُ) وهو مذهبُ الجمهور. نعم، إن خاف ترتُّب مفسدةٍ في دينٍ أو دنيا إن لم يسلِّم سلَّم، كذا قال النَّوويُّ. قال(1) ابنُ العربيِّ: وينوي أنَّ السَّلام اسمٌ من أسماءِ الله فكأنَّه قال: الله رقيبٌ عليهم، وألحقَ بعضُ الحنفيَّة بأهل المعاصي مَن يتعاطَى خَوارم المروءةِ ككثرة المزاح، وفحش القول، فلا يُردُّ على أحدٍ سلامه(2) (حَتَّى تَتَبَيَّنَ(3) تَوْبَتُهُ) تأديبًا له (وَإِلَى مَتَى تَتَبَيَّنُ تَوْبَةُ العَاصِي؟) المعتمدُ أنَّ ذلك ليس فيه حدٌّ محدودٌ، وليس / يظهر ذلك من يومهِ ولا ساعتهِ بل حتَّى يمرَّ عليه ما يدلُّ لذلك.
          (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو) بفتح العين، ممَّا وصله في «الأدب المفرد»: (لَا(4) تُسَلِّمُوا عَلَى شَرَبَةِ الخَمْرِ) بفتح المعجمة والراء والموحدة. واعترضَه السَّفاقسيُّ بأنَّ اللُّغويين‼ لم يسمعوه(5) كذلك بل شاربٌ وشَرْب كصاحبٍ وصَحْب. وأُجيب بأنَّهم قالوا: فسقةٌ وكذبةٌ في جمع: فاسقٍ وكاذبٍ، وعند سعيدِ بن منصورٍ، عن ابن عمر: «لَا تُسلِّمُوا على مَن يشرَبُ الخمرَ، ولَا تعودُوهُم إذا مرضُوا، ولا تصلُّوا عليهِم إذا ماتُوا»، لكن سندهُ ضعيفٌ، وهو عند ابنِ عديٍّ بسندٍ أضعفَ منه، عن ابنِ عمر مرفوعًا.


[1] في (د): «وزاد».
[2] قال الشيخ قطة ☼ : هكذا في النسخ، والظاهر أن أصل العبارة: فلا يرد على أحد منهم سلامه، أو: فلا يرد عليه أحد سلامه.
[3] في (ب): «يتبين».
[4] في (د): «ولا».
[5] في (ع) و(ب) و(د): «يجمعوه»، كذا في «الفتح».