إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب ما جاء في البناء

          ░53▒ (بابُ مَا جَاءَ فِي البِنَاءِ) من إباحةٍ ومنعٍ (وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) ☺ ، ممَّا سبق موصولًا في «كتاب الإيمان» [خ¦50] (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) في سؤال جبريل إيَّاه متى السَّاعة، قال: (مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ) أي: علاماتها السَّابقة عليها، أو مقدِّماتها (إِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ البَهْمِ فِي البُنْيَانِ) بكسر الراء وبعد الألف همزة ممدودًا، والبَهْم: بفتح الموحدة وسكون الهاء، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”رُعاة“ بضم الراء وبعد الألف هاء تأنيث، أي: وقتَ تفاخُرهم في طولِ بيوتهم، ورفعتِها تطاول الرَّجل إذا تكبَّر.
          قال في «الفتح»: وأشار المؤلِّف بهذه القطعة من الحديث إلى ذمِّ التَّطاول في البُنيان، وفي الاستدلال بذلك نظرٌ، وقد ورد في ذمِّ تطويل البناء صريحًا ما أخرج ابن أبي الدُّنيا بسندٍ ضعيفٍ مع كونه موقوفًا من رواية عُمارة بن عامر: «إذا رفع الرَّجل بناءً فوق سبعةِ أذرعٍ نُودي يا فاسقُ إلى أين تذهب؟» وفي ذمِّه مطلقًا حديث خبَّاب يرفعه(1): «يُؤجرُ الرَّجلُ في نفقتِهِ كلِّها إلَّا التُّرابَ _أو قال: البِنَاءَ_ » صحَّحه التِّرمذيُّ، وأخرج له شاهدًا عن أنسٍ بلفظ «إلَّا البنَاءَ فلا خيرَ فيهِ» وفي «المعجم الأوسط» من حديث ابن بشيرٍ(2) الأنصاريِّ: «إذا أرادَ الله بعبدٍ سوءًا أنفقَ ماله في البُنيان» وهو محمولٌ على ما لا تمسُّ الحاجة إليه ممَّا لا بدَّ منه للتَّوطُّن، وما يُكِنُّ(3) من البرد(4) والحرِّ.


[1] في (ص) و(ع) و(د): «رفعه».
[2] في كل الأصول الخطية: «أبي بشير الأنصاري»، والصواب المثبت، وهو محمد بن بشير الأنصاري، وليس له إلا هذا الحديث، وحديثه في شعب الإيمان (10235)، والأوسط (8939).
[3] في (ع) و(د): «وما لا يكون».
[4] في (د): «للبرد».