إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل

          6251- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ) الكوسجُ قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ) بضم النون وفتح الميم، الهمدانيُّ، أبو هاشم(1) الكوفيُّ قال: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ) / بضم العين، ابن عمر بن حفص العُمَريُّ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ) كيسان (المَقْبُرِيِّ) بضم الموحدة (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ أَنَّ رَجُلًا) هو: خلَّاد بن رافعٍ (دَخَلَ المَسْجِدَ وَرَسُولُ اللهِ صلعم جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ المَسْجِدِ فَصَلَّى) أي: ركعتين، كما عند النَّسائيِّ من رواية داود بن قيس، ففيه _كما في «الفتح»_ إشعارٌ بأنَّه صلَّى نفلًا، والأقرب أنَّها تحيَّة المسجد (ثُمَّ جَاءَ) أصله جَيَأَ، تحركت الياء‼ وانفتح ما قبلها فقُلِبت ألفًا (فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) أي: على النَّبيِّ صلعم (فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلعم : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ) بالواو والإفراد وتأخير السَّلام، وهذا الغرض من التَّرجمة (ارْجِعْ فَصَلِّ) أمرٌ مِن رجع، ويأتي لازمًا ومتعدِّيًا، فمن اللَّازم هذا، ومن المتعدِّي قوله تعالى: {فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ}[التوبة:83] لكن مصدر اللَّازم رجوعًا، ومصدر المتعدِّي رَجعًا. وعند ابنِ أبي شيبة من رواية محمَّد بن عَجلان فقال: «أَعِد صَلاتكَ» (فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ) صلاةً صحيحةً، نفيٌ للحقيقةِ الشَّرعيَّة، ولا شكَّ في انتفائها بانتفاءِ ركنٍ أو شرطٍ منها، أو لم تصلِّ صلاةً كاملةً إذا كان بسبب الطُّمأنينة، وهي سنَّةٌ عند قومٍ (فَرَجَعَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ) على النَّبيِّ صلعم (فَقَالَ) له: (وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، فَارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ. فَقَالَ) الرَّجل (فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا: عَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ) صلعم : (إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ) بهمزة قطعٍ، وعند النَّسائيِّ من رواية إسحاق ابنِ أبي طلحة: «إنَّها لم تتمَّ صلاةُ أحدكُم حتَّى يُتمَّ الوضوء كما أمره الله، فيغسلَ وجههُ ويديهِ إلى المرفقين ويمسحَ برأسهِ ورجليهِ إلى الكعبين» (ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ) تكبيرةَ الإحرام (ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ) «ما» ههنا موصولةٌ أو موصوفةٌ، و«معك» متعلِّقٌ(2) بـ «تيسَّر» أو حال(3) من القرآن، و«من» تبعيضيَّة ويبعد أن يتعلَّق «من القرآن» بـ «اقرأ» لأنَّه لا يجب عليه ولا يُستحبُّ أن يقرأ جميع ما تيسَّر له من القرآن، قاله ابن فَرحون، وهو محمولٌ على الفاتحة بأدلَّةٍ أُخرى على اشتراط قراءتها، أو على مَن لم يحفظِ الفاتحة، فإنَّه يقرأ ما تيسَّر من غيرها (ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا) «حتَّى» هنا مقدَّرةً بإلى أن، و«راكعًا» نصب على الحال من الضَّمير في «تطمئنَّ» (ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا) نصب على الحال كسابقها من ضمائر(4) الأفعال قبلها (ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا) أكَّد الصَّلاة بـ «كلِّها» لأنَّها أركانٌ متعدِّدةٌ، ويحتملُ أن يريد بقوله: «في صلاتك» جنسَ جميع الصَّلوات على اختلافِ أوقاتها وأسمائها (وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ) حمَّاد بن أسامة، ممَّا وصله في «كتاب الأيمان والنُّذور» [خ¦6667] (فِي) اللَّفظ (الأَخِيرِ) وهو «حتَّى تطمئنَّ جالسًا» (حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا) وأراد المؤلِّف بهذا الإشارة إلى أنَّ راوي الأولى خُولف، وأنَّ الثَّانية عنده أرجح.


[1] في (د): «هشام».
[2] في (ع) و(د): «يتعلَّق».
[3] في (ع) و(د): «بحال».
[4] في (ص): «ضمير».