إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أردف رسول الله الفضل بن عباس يوم النحر خلفه

          6228- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحَكَم بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابنُ أبي حَمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ، أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ) بالتَّحتية والمهملة المخففة، قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ ☻ قَالَ: أَرْدَفَ رَسُولُ اللهِ صلعم الفَضْلَ ابْنَ عَبَّاسٍ) أركبه (يَوْمَ النَّحْرِ خَلْفَهُ عَلَى عَجُزِ رَاحِلَتِهِ) في حجَّة الوداع، و«عَجُز» بفتح العين المهملة وضم الجيم بعدها زاي، أي: مؤخِّرها (وَكَانَ الفَضْلُ) ☺ (رَجُلًا وَضِيئًا) من الوضاءةِ، وهي الجمالُ والحسن (فَوَقَفَ النَّبِيُّ صلعم لِلنَّاسِ يُفْتِيهِمْ، وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ) بفتح الخاء المعجمة والعين المهملة بينهما مثلثة ساكنة، قبيلةٌ مشهورةٌ (وَضِيئَةٌ) لحسنها وجمالها (تَسْتَفْتِي رَسُولَ اللهِ صلعم فَطَفِقَ الفَضْلُ) فجعلَ الفضل (يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا، فَالتَفَتَ النَّبِيُّ صلعم وَالفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَأَخْلَفَ) ╕ (بِيَدِهِ) بهمزة مفتوحة وخاء معجمة ساكنة وبعد اللام فاء، أي: مدَّها إلى خلفهِ (فَأَخَذَ بِذَقَنِ الفَضْلِ) بفتح الذال المعجمة والقاف (فَعَدَلَ) بتخفيف الدال (وَجْهَهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا) حين علمَ بإدامةِ نظرهِ إليها أنَّه أعجبه حُسنها، فخشيَ عليه فتنةَ الشَّيطان، ففيه حرمة النَّظر إلى الأجنبيَّات (فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ فِي الحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ) أي: وجب عليه الحجُّ بأن أسلم وهو بهذه الصِّفة، وزاد في حديث أبي هريرة عند ابن خزيمة: وإن شددتُه على الرَّاحلة خشيتُ أن أقتلَه (فَهَلْ يَقْضِي) يَجزِي (عَنْهُ) الحجُّ (أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟) نيابةً (قَالَ: نَعَمْ) يجزي. وفي الحديث: غضُّ البصر خشية الفتنة، ومقتضاه أنَّه إذا أَمِنَت الفتنة لم يمتنع؛ لأنَّه لم يحوِّل وجه الفضل حتَّى أدمن النَّظر إليها؛ لإعجابهِ بها فخُشي عليه الفتنة.
          والحديثُ سبق في «الحجِّ» في «باب الحجِّ(1) عمَّن لا يستطيع الثُّبوت على الرَّاحلة» [خ¦1854].


[1] في (ع) و(د): «مَن حجَّ».