إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أمرنا رسول الله بسبع ونهانا عن سبع

          5635- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) التَّبوذكيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ) الوضَّاح اليشكريُّ (عَنِ الأَشْعَثِ) ولأبي ذرٍّ: ”عن أشعث“ (بْنِ سُلَيْمٍ) بضم السين مصغَّرًا (عَنْ مُعَاوِيَةَ ابْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ) بضم الميم وفتح القاف وكسر الراء مشددة بعدها نون (عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ) ☺ ‼ أنَّه (قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلعم بِسَبْعٍ) أي: بسبع خصال أو نحوه، فمميَّز العدد محذوفٌ، ومنها ما هو للإيجاب وما هو للنَّدب، لا يقال: إنَّ ذلك من استعمال اللَّفظ في حقيقتهِ ومجازه لأنَّ ذلك إنَّما هو في صيغةِ أفعل، أمَّا لفظ الأمر فيطلقُ عليهما حقيقة على المرجَّح لأنَّه حقيقة في القول المخصوصِ(1) (وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، أَمَرَنَا) بدل من أمرنا الأوَّل (بِعِيَادَةِ المَرِيضِ) مصدرٌ مضاف إلى مفعوله، والأصل في عيادة: عوادة لأنَّه من عادهُ يعودُه، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، من مادَّة العود، وهو الرُّجوع إلى الشَّيء بعد الانصراف عنه إمَّا بالذَّات، أو بالقولِ، أو بالعزمِ، وقد يُطلق العودُ على الطَّريق القديم، فإن أُخِذَ من الأوَّل فقد يشعرُ بتكرارِ العيادةِ، وإن أُخِذَ من الثَّاني بعد نقله عُرْفًا إلى الطَّريق لم يدلَّ على ذلك، قاله في «شرح الإلمام» (وَاتِّبَاعِ الجِنَازَةِ) بتشديد المثناة الفوقية (وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ) بالشين المعجمة في الأولى بأنْ يقول له: يرحمُك الله إذا حمدَ الله (وَإِجَابَةِ الدَّاعِي) إلى الوليمةِ أو غيرها (وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ) انتشارهُ وظهورُه (وَنَصْرِ المَظْلُومِ) إعانتُه سواء كان مسلمًا أو ذميًّا، وكفُّه عن الظلم(2) (وَإِبْرَارِ المُقْسِمِ) بكسر الهمزة في الأول وضم الميم وكسر السين بينهما قاف ساكنة آخره ميم، مصدرٌ مضاف إلى المفعول كالسَّوابق، وهي اتِّباع الجنائزِ(3) وما بعدها، والمعنى: إبرارُ يمين المقسم(4)، ولأبي ذرٍّ: ”وإبرار(5) القَسَم“ بفتح القاف والسين بغير ميم قبل القاف، الحلف، وهو مصدرٌ محذوفُ الزَّوائد لأنَّ الأصلَ: أقسم إقسامًا، ويحتملُ أن يكون المرادُ إبرارَ الإنسان قسمَ نفسه بأنْ يفِي(6) بمقتضَى يمينه أو إبرار قسمِ غيره بأنْ لا يحنثه (وَنَهَانَا عَنْ) لبس (خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ) جمع خاتَـِم♣ _بكسر التاء وفتحها_، وخَيْتام(7) وخَاتَام، أربع لغاتٍ (وَعَنِ(8) الشُّرْبِ فِي الفِضَّةِ _أَوْ قَالَ: آنِيَةِ الفِضَّةِ_) ففي آنيةِ الذَّهب أولى، والشَّكُّ من الرَّاوي، وذِكْرُ الشَّراب(9) ليس قيدًا بل خرجَ مخرجَ الغالب (وَعَنِ) استعمال (المَيَاثِرِ) بفتح الميم والتحتية وبعد الألف مثلثة مكسورة فراء، جمع: مِيْثرة _بكسر الميم وسكون التحتية من غير همز_ والأصل: مؤثرة(10)، بالواو المكسورة ما قبلها فقلبتْ ياء لسكونها بعد الكسرِ لأنَّها من الوثارِ وهو الفراشُ الوطِيءُ، وهو من مراكب العجمِ يعملُ من حريرٍ أو ديباجٍ، ويتَّخذ كالفراش الصَّغير ويحشَى بقطنٍ أو صوفٍ يجعلها فوق الرَّحْلِ والسَّرج (وَ) عن استعمالِ ثياب (القَسِّيِّ) بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة وتشديد التحتية أيضًا، نسبةً إلى قريةٍ على ساحلِ بحر مصر قريبة‼ من تنِّيس يعملُ بها(11) ثيابٌ من كتَّان مخلوطٍ بحرير، وفي البخاريِّ: فيها حريرٌ أمثالُ الأُتْرُجِّ [خ¦77/28-8689]. وفي أبي داود عن عليٍّ ☺ : «أنَّها ثيابٌ من الشَّام، أو من مصر يُصنع(12) فيها أمثال الأترجِّ». قال النَّوويُّ: إن كان / حريرها أكثر فالنَّهيُّ للتَّحريم وإلَّا فللتَّنزيه(13) (وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ) بضم اللام (وَالدِّيبَاجِ) بكسر الدال وتفتح آخره جيم، ما غلظَ وثخنَ من ثيابِ الحرير (وَالإِسْتَبْرَقِ) بكسر الهمزة، غليظُ الدِّيباج فارسيٌّ معرَّب، قاله الجواليقيُّ، وذكره بعد الدِّيباج من ذكرِ الخاصِّ بعد العامِّ، أو أريدَ به ما رقَّ من الدِّيباج ليقابلَ ما غلُظَ منه، فهو من التَّعبير عن الخاصِّ بالعامِّ(14)، واعلم أن هذه المنهيات كلها للتَّحريم بخلافِ الأوامر.
          وهذا الحديث قد مرَّ في «أوائل الجنائز» في «باب الأمر باتِّباع الجنائز» [خ¦1239].


[1] قوله: «على المرجح لأنه حقيقة في القول المخصوص»: ليس في (د).
[2] قال الشيخ قطة ☼ : لعلَّ الأولى: «وكف الظلم».
[3] في (ب) و(س): «الجنازة».
[4] في (ص): «إبرار القسم».
[5] «وإبرار»: ليست في (م).
[6] في (م): «يفتي».
[7] في (ص): «ختام».
[8] في (م): «من».
[9] في (د): «الشرب».
[10] قوله: «بكسر الميم وسكون التحتية من غير همز، والأصل مؤثرة»: ليس في (د).
[11] في (د): «منها».
[12] في (ص): «تصنعه»، وفي (م) و(د): «مصنعة». في المصادر: (مضلعة) يحرر.
[13] في (د): «للتنزيه».
[14] في (م): «بالخاص عن العام».