إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: الحمد لله الذي هداك للفطرة

          5576- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكمُ بنُ نافع قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابنُ أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم أنَّه قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ☺ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم أُتِيَ) بضم الهمزة (لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ) بضم الهمزة أيضًا (بِإِيلِيَاءَ) بكسر الهمزة وسكون التحتية وكسر اللام وفتح التحتية الخفيفة بعدها همزة، ممدودًا، مدينة بيت المقدس (بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ) صلعم (إِلَيْهِمَا، ثُمَّ أَخَذَ اللَّبَنَ فَقَالَ) له (جِبْرِيلُ) ◙ : (الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ) أي: فطرةِ الإسلام والاستقامة (وَلَوْ) ضبَّبَ على الواو الأولى من قولهِ: «ولو» ابن(1) عساكرَ (أَخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ) ضلَّت (أُمَّتُكَ) قال في «المصابيح»: لا يُفهم من عدولهِ صلعم عن إناءِ الخمر حينئذٍ أنَّ الخمر‼ كانت محرَّمة، فإنَّ حديث الإسراء كان بمكَّة وتحريم الخمر بالمدينةِ، وإنَّما تفرَّس فيها صلعم أنَّها ستُحرَّم فتركها(2) من ذلك الوقت وعدلَ عنها، ولو كانتْ محرَّمة حينئذٍ لم يتصوَّر أن يخيَّر بين مباح وحرامٍ، لكن قد يقال: إذا(3) كانت مباحة فهي حينئذٍ متساوية، لكن الرُّجحان منافٍ للإباحة. قال ابن المنيِّر(4): لا إشكالَ في افتراقِ مباحين مُشتركين في أصلِ الإباحة أحدُهما: تستمرُّ إباحتُه والآخرُ تنقطعُ. قال الدَّماميني: فيه نظرٌ؛ إذ هما في حالِ الإباحة سواء، وبعد تحريمِ أحدهما افترقا، فافتراقهما في حال انقطاعِ إباحة أحدهما لا يقتضِي افتراقهما حال ثبوتِ الإباحةِ وعدم انقطاعها(5). وقال الحافظ أبو الفضل ابن حجر: ويحتملُ أن يكون صلعم نفرَ منها؛ لكونه لم يعتدْ شربها، فوافقَ بطبعهِ ما سيقعُ من تحريمها بعدُ حفظًا من الله له(6) ورعاية، واختار(7) اللَّبن؛ لكونهِ مألوفًا سهلًا طيبًا طاهرًا سائغًا للشَّاربين سليم العاقبةِ، بخلاف الخمر في جميعِ ما ذكر.
          (تَابَعَهُ) أي: تابع شعيبًا في روايته عن الزُّهريِّ (مَعْمَرٌ) هو ابنُ راشد، فيما وصله المؤلِّف في قصَّة موسى من «أحاديثِ الأنبياء» [خ¦3394] (وَابْنُ الهَادِ) هو يزيد بنُ عبد الله بنِ أسامة بنِ الهادي(8) اللَّيثيُّ، فيما وصله النَّسائيُّ من طريقِ اللَّيث، عنه، عن عبدِ الوهاب بنِ بُخْتٍ، عن ابنِ شهاب(9) (وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ) بضم العين، ابن موسى بن عبيد(10) الله بن مَعمر التَّيميُّ، فيما وصله تمام الرَّازيُّ في «فوائده» من طريقِ إبراهيمَ بن المنذر، عن عمر بن عثمان بن عمر عن أبيه(11) (وَالزُّبَيْدِيُّ) بضم الزاي وفتح الموحدة وبالدال المهملة المكسورة، محمَّد بن الوليد بنِ عامر، أبو الهذيل الشَّاميُّ الحمصيُّ، فيما وصلهُ النَّسائي من طريق محمد بنِ حرب، عنه أربعتُهم (عَنِ الزُّهْرِيِّ) بسندهِ لكن ليس في موصول مَعمر ذكر إيلياء، وفيه: «اشرب أيهما شئت»، وكذا رواية الزُّبيدي.


[1] في (م) و(د): «لابن».
[2] في (ص) و(م) و(د): «فترك».
[3] في (د): «فإذا».
[4] في (م): «الأثير».
[5] في (ص): «انقطاعهما».
[6] في (ص) و(م) و(د): «به».
[7] في (م): «اختيار».
[8] في (د): «الهاد».
[9] «عن ابن شهاب»: ليست في (ص).
[10] في (ص) و(م): «عبد».
[11] في كل النسخ: «من طريق إبراهيم بن المنذر عن عثمان بن عمر» وفي الإسناد سقط.