إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب الباذق ومن نهى عن كل مسكر من الأشربة

          ░10▒ (باب البَاذَِقِ) بفتح الباء والمعجمة بينهما ألف وآخره قاف. وقال في «القاموس»: بكسر الذال وفتحها، ما طُبِخَ من عصيرِ العنب أدنى طبخةٍ فصار شديدًا. وقال الجواليقيُّ: أصله: باذه(1)، وهو أن يُطبَخَ العصيرُ حتَّى يصيرَ مثل طلاءِ الإبلِ. وقال ابن قُرْقُول: المطبوخُ من عصيرِ العنب إذا أسكرَ أو إذا طبخَ بعد أن اشتدَّ. وقال في «المحكم»: هو من أسماءِ الخمر (وَ) ذِكْرِ (مَنْ نَهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ مِنَ الأَشْرِبَةِ) لحديث: «كلُّ مسكرٍ حرامٌ».
          (وَرَأَى عُمَرُ) بن الخطَّاب، مما أخرجه مالك في «الموطأ» (وَأَبُو عُبَيْدَةَ) ابن الجرَّاح (وَمُعَاذٌ) هو ابن جبل، ممَّا وصله عنهما أبو مسلم الكجيُّ وسعيد بن منصورٍ وابن أبي شيبة (شُرْبَ الطِّلَاءِ) أي: رأوا جواز شربهِ إذا طُبِخَ فصار (عَلَى الثُّلُثِ(2)) وذهبَ ثلثاه، وقد صرَّح(3) بعضُهم بأنَّ المحذور منه السُّكر(4) فمتى أسكرَ حرمَ.
          (وَشَرِبَ البَرَاءُ) بن عازبٍ ممَّا أخرجه ابنُ أبي شيبة (وَأَبُو جُحَيْفَةَ) وهبُ بنُ عبد الله ممَّا أخرجه ابنُ أبي شيبة أيضًا، الطِّلاءَ إذا طُبِخَ فصار (عَلَى النِّصْفِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) ☻ فيما وصله النَّسائي لرجل سأله عن العصير: (اشْرَبِ العَصِيرَ مَا دَامَ طَرِيًّا) زاد النَّسائيُّ: قال: «إنِّي طبختُ شرابًا، وفي نفسي منه شيءٌ. قال: كنت شاربَه قبل أن تطبخَه؟ قال: لا، قال: فإنَّ النَّار‼ لا تحلُّ شيئًا قد حرم». وهذا تقييدٌ لما أُطْلِقَ في الآثارِ الماضية، وهو أنَّ الَّذي يطبخُ إنَّما هو العصيرُ الطَّريُّ قبل أن يتخمَّرَ، أما لو صار خمرًا فطبخَ فإنَّ الطَّبخ لا يطهِّره ولا يحلُّه إلَّا على رأي من يجيزُ تخليلَ الخمرِ، والجمهورُ على خلافهِ (وَقَالَ عُمَرُ) بن الخطاب ☺ / ممَّا وصلَه مالك: (وَجَدْتُ مِنْ عُبَيْدِ اللهِ) بضم العين، ابن عمر بنِ الخطَّاب (رِيحَ شَرَابٍ) فزعمَ أنَّه شرب الطِّلاء (وَأَنَا سَائِلٌ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ جَلَدْتُهُ) فسأل عنه فوجدَه مسكرًا(5) فجلدَه بعد أن أقرَّ أو بالبيِّنة.


[1] في (د): «باذاه».
[2] في (ص): «الثلاث».
[3] في (د): «وصرح».
[4] في (د): «المسكر».
[5] في (م): «يسكر».