إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أنس: كان النبي يدور على نسائه في الساعة الواحدة

          268- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) المذكور قريبًا (قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ) الدَّسْتوائيُّ (قَالَ حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبِي) هشامٌ (عَنْ قَتَادَةَ) الأكمه السَّدوسيِّ (قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ) ☺ ، ولابن عساكر بإسقاط لفظ: ”ابن مالكٍ“ (قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلعم يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ) ╢ (فِي السَّاعَةِ الوَاحِدَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) الواو بمعنى: «أو»، ومُراده بـ «السَّاعة»(1): قدرٌ من الزَّمان، لا ما اصطلح عليه الفلكيُّون (وَهُنَّ) ╢ (إِحْدَى عَشْرَةَ) امرأةً، تسع زوجاتٍ ومارية وريحانة، وأطلق عليهنَّ نساءه(2) تغليبًا، وبذلك يُجمَع بين هذا(3) الحديث وحديث(4): وهنَّ «تسع نسوةٍ»، أو يُحمَل على اختلاف الأوقات، والإطلاق السَّابق في حديث عائشة محمولٌ على المُقيَّد في حديث أنسٍ هذا، حتَّى يدخل الأوَّل(5) في التَّرجمة لأنَّ النِّساء لو كنَّ قليلاتٍ ما كان يتعذَّر الغسل من وطء كلِّ واحدةٍ، بخلاف الإحدى عشرة إذ تتعذَّر(6) المُباشَرة والغسل إحدى عشْرة مرَّةً في ساعةٍ واحدةٍ في العادة، وأمَّا وطء الكلِّ في ساعةٍ واحدةٍ(7) فلأنَّ(8) القسم لم يكن واجبًا عليه، كما هو وجهٌ لأصحابنا الشَّافعيَّة، وجزم به الإصطخريُّ، أو أنَّه لمَّا رجع من سفرٍ وأراد القسم ولا واحدة أَوْلى مِنَ الأخرى بالبداءة بها وطئ الكلَّ، أو كان ذلك باستطابتهنَّ، أوِ الدَّوران كان في يوم القرعة للقسمة قبل أن يقرع بينهنَّ، وقال ابن العربيِّ: أعطاه الله تعالى ساعةً ليس لأزواجه فيها حقٌّ يدخل فيها على جميع أزواجه، فيفعل ما يريد بهنَّ، وفي «مسلمٍ» عنِ ابن عبَّاسٍ: أنَّ تلك السَّاعة كانت بعد العصر، واستغرب هذا الأخير الحافظ ابن حجرٍ‼، وقال: إنَّه يحتاج إلى ثبوت ما ذكره مُفصَّلًا (قَالَ) قتادة: (قُلْتُ لأَنَسٍ) ☺ مستفهمًا: (أَوَكَانَ) ╕ (يُطِيقُهُ) أي: مُباشَرة المذكورات في السَّاعة الواحدة؟ (قَالَ) أنسٌ: (كُنَّا) معشر الصَّحابة (نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ) ╕ (أُعْطِيَ) بضمِّ الهمزة وكسر الطَّاء وفتح الياء (قُوَّةَ ثَلَاثِينَ) رجلًا، وعند الإسماعيليِّ عن معاذٍ: «قوَّة أربعين» زاد أبو نُعيمٍ عن مجاهدٍ: «كلّ رجلٍ من أهل الجنَّة»، وفي «التِّرمذيِّ» _وقال: صحيحٌ غريبٌ_ عن أنسٍ مرفوعًا: يُعطَى المؤمن في الجنَّة قوَّة كذا وكذا في الجماع، قيل: يا رسول الله أوَ يطيق ذلك؟ قال «يُعطَى قوَّة مئةٍ»، والحاصل من ضربها في الأربعين: أربعة آلافٍ.
          ورواة هذا الحديث الخمسة(9) كلُّهم بصريُّون، وفيه: التَّحديث بالجمع والإفراد والعنعنة، وأخرجه النَّسائيُّ في(10) «عِشرة النِّساء».
          (وَقَالَ سَعِيدٌ) بن أبي عَروبة ممَّا وصله المؤلِّف بعد اثني عشر بابًا (عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ) فقال في حديثه(11): (تِسْعُ نِسْوَةٍ) بدل «إحدى عشرة» [خ¦284] و«تسعُ»: مرفوعٌ بدلٌ من العدد المذكور، وذلك / خبر مبتدأٍ وهو «وهنَّ»، وحكَوا عنِ الأَصيليِّ أنَّه قال: وقع في نسختي: ”شعبة“ بدل «سعيد»، قال: وفي عرضنا على أبي زيدٍ بمكَّة: سعيد(12)، قال أبو عليٍّ الجيِّانيُّ: وهو الصَّواب، ورواية شعبةَ هذه عن قتادةَ وصلها أحمد.


[1] في (م): «من السَّاعة».
[2] في (ب) و(س): «نساء».
[3] «هذا»: سقط من غير (ب) و(س).
[4] «وحديث»: سقط من (م).
[5] «الأوَّل»: سقط من (م).
[6] في (م): «يتعذَّر».
[7] «واحدة»: مثبتٌ من (م).
[8] في (ب) و(س): «فلا؛ لأنَّ».
[9] «الخمسة»: مثبتٌ من (ص) و(م).
[10] «في»: سقط من (د).
[11] في (ص): «حديث».
[12] «سعيد»: سقط من (د) و(ص).