إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

معلق الليث: إنكم سترون بعدي أثرةً فاصبروا حتى تلقوني

          2377- (وَقَالَ اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الأنصاريِّ (عَنْ أَنَسٍ ☺ ) أنَّه قال: (دَعَا النَّبِيُّ صلعم الأَنْصَارَ لِيُقْطِعَ لَهُمْ بِالبَحْرَيْنِ) قال الخطَّابيُّ: يحتمل أنَّه أراد الموات منها ليتملَّكوه بالإحياء، أو أراد أن يخصَّهم بتناول جزيتها، وبه جزم إسماعيل القاضي (فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ فَعَلْتَ) أي: الإقطاع (فَاكْتُبْ لإِخْوَانِنَا مِنْ قُرَيْشٍ بِمِثْلِهَا(1)، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ) المثل (عِنْدَ النَّبِيِّ صلعم ) يعني: بسبب قلَّة الفتوح يومئذٍ (فَقَالَ) ╕ : (إِنَّكُمْ(2) سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَُثَـْرَةً) بضمِّ الهمزة وسكون المُثلَّثة وفتحهما، وهذا من أعلام نبوَّته، فإنَّ فيه إشارةً إلى ما وقع من استئثار الملوك من قريشٍ عن الأنصار بالأموال وغيرها (فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي) أي: يوم القيامة، قيل: فيه أنَّ الأنصار لا تكون فيهم الخلافة؛ لأنَّه جعلهم تحت الصَّبر إلى يوم القيامة، والصَّبر لا يكون إلَّا من مغلوبٍ محكومٍ عليه، وفيه: فضيلةٌ ظاهرةٌ للأنصار حيث لم يستأثروا بشيءٍ من الدُّنيا دون المهاجرين، ويأتي إن شاء الله تعالى مزيدٌ لذلك في «باب فضل الأنصار» [خ¦3794].
          وهذا الحديث أورده المؤلِّف غير موصولٍ، قال أبو نُعيمٍ: وكأنَّه أخذه عن عبد الله بن صالحٍ كاتب اللَّيث عنه، وقال ابن حجرٍ: لم أره موصولًا من طريقه.


[1] في (م): «مثلها».
[2] «إنَّكم»: مثبتٌ من (د)، وكذا في «اليونينيَّة».