إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أمرنا رسول الله بسبع بعيادة المريض

          6235- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) بن سعيدٍ قال: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) بفتح الجيم، ابن عبد الحميدِ (عَنِ الشَّيْبَانِيِّ) بالشين المعجمة المفتوحة والتحتية الساكنة والموحدة وبعد الألف نون، أبي إسحاق سليمان بن فيروزٍ الكوفيِّ الحافظ (عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ) سُليم بن أسود(1) (عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ) بالقاف المفتوحة وكسر الراء المشددة (عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ☻ ) وسقط «ابن عازبٍ» لأبي ذرٍّ، أنَّه (قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ) ولأبي ذرٍّ: ”النَّبيُّ“ ( صلعم بِسَبْعٍ) أي: بسبع(2) خصالٍ أو نحو ذلك، فحذف مميِّز العدد (بِعِيَادَةِ المَرِيضِ) مصدرٌ مضاف إلى مفعوله، كاللَّواحق (وَاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ) افتعالٌ، مِن تبعَ يتبعُ (وَتَشْمِيْتِ العَاطِسِ) بالمعجمة ويجوز بالمهملة بأن يقول له: يرحمك الله إذا حمدَ (وَنَصْرِ الضَّعِيفِ) وفي «باب تشميتِ العاطس» «ونصر المظلوم» [خ¦6222] أي: إغاثته ومنعُه من المظالم (وَعَوْنِ المَظْلُومِ) قال في «الفتح»: الَّذي يظهر أنَّ نصر الضَّعيف المراد به عونُ المظلوم (وَإِفْشَاءِ السَّلَامِ) انتشارُه وإظهارُه، وأقلُّه _كما قال النَّوويُّ_ أن يرفعَ صوتَه به بحيث يسمع المسلَّم عليه، فإن لم يسمعْه لم يكن آتيًا بالسُّنَّة. قال: ويستحبُّ أن يرفعَ صوته بقدر ما يتحقَّق أنَّه سمعَه فإن شكَّ استظهرَ، وقد أخرج المؤلِّف في «الأدب المفرد» بسندٍ صحيحٍ عن ابن عمر: إذا سلَّمت فأسمع فإنَّها تحيَّةٌ من عند الله. لكن يستثنى من رفع الصَّوت ما إذا كان بحضرةِ نيامٍ، فقد كان صلعم يجيء من اللَّيل فيسلِّم تسليمًا لا يوقظ نائمًا ويُسمع اليقظان. رواه مسلمٌ في «صحيحه» من حديث المقداد، ومن فوائد إفشاء السَّلام حصول المحبَّة بين المتسالمين(3)، وفي «مسلمٍ» عن أبي هريرة: «ألَا أدُلُّكُم على مَا تَحَابُّونَ بهِ أَفشُوا السَّلامَ بينكُم» (وَ) من المأمورات، وهو سابعها لفظًا (إِبْرَارِ المُقْسِمِ) بضم الميم وكسر السين، اسم فاعلٍ من أقسم، أي: إبرار يمين المقسم، والمراد بالأمرِ هنا المطلق في الإيجابِ والنَّدب؛ لأنَّ بعضها إيجابٌ وبعضُها ندبٌ، وليس ذلك من استعمال اللَّفظ في حقيقتهِ ومجازه؛ لأنَّ ذاك إنَّما هو في صيغةِ أفعل، أمَّا لفظ الأمر فيُطلق عليهما حقيقةً على المرجَّح؛ لأنَّه حقيقةٌ في القول المخصوص.
          (وَنَهَى) صلعم (عَنِ الشُّرْبِ فِي) إناءِ (الفِضَّةِ) والذَّهب من باب أَولى، والتَّعبير بالشُّرب خرج مخرج الغالب (وَنَهَانَا) ولأبي ذرٍّ: ”ونهى“ (عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ) لُبْسًا، وكذا اتِّخاذًا (وَعَنْ رُكُوبِ المَيَاثِرِ) بالمثلَّثة، جمع مِيثرة _بكسر الميم وسكون التحتية_ من غير همزٍ، وطاءٌ في السُّروج يكون من الحرير‼ والدِّيباج (وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ) وهو ما غلُظ وثخنَ من ثياب الحرير (وَالقَسِّيِّ) بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة، ثيابٌ مضلَّعةٌ بالحريرِ تُعْمل(4) بالقسِّ قريةٌ على ساحل البحر قريبةٌ من تنِّيس ببلادِ مصر، وقيل غير ذلك ممَّا سبق في موضعهِ [خ¦5849] (وَالإِسْتَبْرَقِ) بهمزة قطع مكسورة. قال أبو البقاء: أصلُ استبرق فعل على استفعل، فلمَّا سمِّي به قطعتْ همزته، وهو غليظُ الدِّيباج، وكلُّ ذلك سبق غير مرَّةٍ.
          والحديثُ سبق في «الجنائز» [خ¦1239] و«اللِّباس» [خ¦5849] و«الأدب» [خ¦6222] و«الطِّبِّ» [خ¦5650] و«الأشربة» [خ¦5635] وأخرجهُ في «النُّذور» [خ¦6654].


[1] في (د): «الأسود».
[2] في (د): «سبع».
[3] في (ع) و(د): «المسلمين».
[4] في (ع) و(ص) و(د): «يعمل».