إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة

          5633- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى) أبو موسى العَنَزِيُّ الحافظُ قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ) محمد، واسم أبي عديٍّ: إبراهيم البصريُّ‼ (عَنِ ابْنِ عَوْنٍ) عبد الله (عَنْ مُجَاهِدٍ) هو ابنُ جبرٍ (عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى) عبد الرَّحمن أنَّه (قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ حُذَيْفَةَ) بن اليمان، زاد الإسماعيليُّ: «إلى بعضِ السَّواد، فاستسقَى فأتاهُ دِهْقان بإناءٍ من فضَّةٍ فرماه به في وجههِ، قال: فقلنا: اسكتُوا فإنَّا إن سألناهُ لم يحدِّثنا، قال: فسكتنَا، فلما كان بعد ذلك، قال: أتدرونَ لم رميتُ بهذا في وجهه؟ قلنا: لا. قال: ذاك أنِّي كنتُ نهيتُه. قال»: (وَذَكَرَ النَّبِيَّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ) ويقاس بالشُّرب والأكلِ(1) غيرهما، وإنما خُصَّا بالذِّكر لغلبتهمَا، وهل حرمَ الذَّهب والفضةُ لعينهمَا، أو للسَّرف والخُيلاء(2) قولان. الجديد أنَّهما لعينهمَا، وقد يعللون بالثَّاني، فالوجه مُرَاعاة كلٍّ منهما في الآخر شرطًا(3) ليصح الحكم في المموَّه والمغشىَ بنحاسٍ، وليفارق الضَّعيف المعلَّل بالثَّاني في المموَّه، وفُهِمَ من حرمتهمَا حرمة الاستئجارِ لفعلهمَا، وأخذِ الأجرةِ على صنعتهمَا، وعدم الغُرْم على كاسرِ ذلك كآلاتِ الملاهِي، ومن التَّقييد بالذَّهب والفضة حِلُّ غيرِهما ولو من جوهرٍ نفيسٍ كياقوتٍ لانتفاءِ علَّة التَّحريم (وَلَا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ فَإِنَّهَا(4)) أي: جميع ما نهى عنه (لَهُمْ فِي الدُّنْيَا) يتعلَّق قوله: لهم، بخبر إنَّ والضَّمير يعود على المشركين، أو على من عصَى بها من المؤمنين، فإنَّه لا ينعم بها في الآخرةِ وإن دخلَ الجنَّة (وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ)(5) أي: الاختصاص بها لمن اجتنبَها في الدُّنيا.


[1] في (د): «بالأكل والشرب».
[2] في (س): «أو للخيلاء».
[3] في (م): «شرطان».
[4] في (م): «فإنهما».
[5] في (م) و(د) زيادة: «يختص بها من اجتنبها في الدنيا».