شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب السهو في الفرض والتطوع

          ░7▒ بَابُ: السَّهْوِ / في الفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ، وَسَجَدَ ابنُ عبَّاسٍ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ وِتْرِهِ.
          وفيهِ(1): أَبُو هُرَيْرَةَ: أنَّ النَّبيَّ(2) صلعم قَالَ: (إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَ(3) الشَّيْطَانُ فَلَبَّسَ عَلَيْهِ حتَّى لا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى؟ فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ). [خ¦1232]
          الكلام في هذا الحديث كالكلام في حديث(4) الباب الَّذي قبله [خ¦1231]، منهم من جعله مبنيًّا على حديث البناء على اليقين، ومنهم من جعله في المُسْتَنْكِحِ، ومنهم من أخذ بظاهره في المُسْتَنْكِحِ وغيره، ولم يوجب الإتيان بركعةٍ على حسب ما تقدَّم في الباب قبل هذا(5) وأمَّا سُجُود السَّهو في التَّطوُّع فإنَّ جمهور الفقهاء يوجبون ذلك(6)، إلَّا ابنَ سِيرِين وقَتَادَةَ فإنَّهما قالا: إذا سَهَا في التَّطوُّع فلا سُجُود عليه.
          والحجَّة للجماعة عليهما قوله صلعم: ((إِنَّ أَحَدَكُمْ إَذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَلَبَّسَ عَلَيْهِ حتَّى لا يَدْرِي كَمْ صَلَّى)).
          وقوله: (قَامَ(7) يُصَلِّي) تدخل فيه جميع الصَّلَوَات فرضها ونفلها، فهو عامٌّ في كلِّ ما يُسَمَّى صلاةً، وقد أوجب عليه(8)◙ السُّجُود على السَّاهي(9)، والسُّنَّة حُجَّةٌ على من خالفها فصَحَّ قول الجماعة.
          قال(10) المُهَلَّبُ: وإذا كان الشَّيطان هو الَّذي يُلْبِس عليه حتَّى ينسيه، فليرغم أنفه بالسُّجُود في السَّهو، فيرجع راغمَ الأنف خاسئًا بالسُّجُود الَّذي حرمه الله فائدته، وخيَّبه من رحمته بإبائه منه.


[1] في (م): ((فيه)).
[2] في (ص): ((الرسول)).
[3] في (م): ((جاءه)).
[4] قوله: ((حديث)) ليس في (ص).
[5] قوله: ((الكلام في هذا الحديث كالكلام في حديث الباب الَّذي قبله، منهم من جعله مبينًا على حديث البناء على اليقين، ومنهم من جعله في المستنكح، ومنهم من أخذ بظاهره في المستنكح وغيره، ولم يوجب الإتيان بركعة على حسب ما تقدَّم في الباب قبل هذا)) ليس في (م). وبدله قوله: ((قد مرَّ الكلام في هذا الحديث في الباب قبل هذا فأغنى عن إعادته)).
[6] زاد في المطبوع و(ص): ((عليه)).
[7] في (م): ((وقوله إذا قام)).
[8] قوله: ((عليه)) ليس في (م) و(ص).
[9] زاد في (م): ((فيها)).
[10] قوله: ((قال)) ليس في (م).