شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من لم يجد موضعًا للسجود من الزحام

          ░12▒ بابُ مَنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا لِلسُّجُودِ(1) مَعَ الإمَامِ مِنَ الزِّحَامِ.
          فيه: ابْنُ عُمَرَ قَالَ(2): (كَانَ النَّبيُّ صلعم يَقْرَأُ السُّورَةَ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ، فَيَسْجُدُ، وَنَسْجُدُ مَعَهُ(3) حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَكَانًا لِمَوْضِعِ جَبْهَتِهِ). [خ¦1079]
          قال المؤلِّف: لم أجد في هذه المسألة نصًّا للعلماء، ووجدت أقوالهم فيمن لا يقدر على السُّجود على الأرض من الزِّحام في صلاة الفريضة، فكان عُمَر بن الخطَّاب يقول: يسجد على ظهر أخيه، وبه قال: الثَّوريُّ والكوفيُّون والشَّافعيُّ(4) وأحمد وإسحاق وأبو ثورٍ، وقال نافعٌ مولى ابن عمر: يومئ إيمًاء، وقال عطاءٌ والزُّهريُّ: يمسك عن السُّجود فإذا رفعوا سجد، وهو قول مالكٍ وجميع أصحابه، وقال مالكٌ: إن سجد على ظهر أخيه يعيد الصَّلاة، وذكر ابن شعبان في «مختصره» عن مالكٍ قال: يعيد في الوقت وبعده، وقال أشهب: يعيد في الوقت لقول عمر: اسجد ولو على ظهر أخيك.
          فعلى قول من أجاز السُّجود في(5) صلاة الفريضة من الزِّحام على ظهر أخيه فهو أجوز عنده في سجود القرآن، لأنَّ السُّجود(6) في الصَّلاة فرضٌ وليس سجود القرآن بفرضٍ(7).
          وعلى قول عطاءٍ والزُّهريِّ ومالكٍ الذين لا يجيزون السُّجود في الصَّلاة من الزِّحام وغيره(8) إلَّا على الأرض يحتمل أن يجوز عندهم سجود التِّلاوة في الصَّلاة على ظهر رجلٍ(9)، وإيماءً على غير الأرض، كقول الجمهور، لما قدَّمنا(10) من الفرق بين سجود التِّلاوة وبين سجود الصَّلاة، ويحتمل خلافهم، واحتمال وفاقهم أشبه بدليل حديث ابن عمر، وهو المقنع في ذلك إن شاء الله تعالى(11).


[1] في (ق) و(م): ((موضع السجود)).
[2] قوله: ((قال)) ليس في (ق).
[3] قوله: ((معه)) ليس في (ق) و(م) و(ص).
[4] في (ز) و(ي) و(ص): ((والشعبي)) والمثبت من (م) و(ق).
[5] قوله: ((في)) ليس في (ق) و(م).
[6] في (ص): ((سجوده)).
[7] في (ق): ((عنده في سجود القرآن، لأن سجود القرآن ليس بفرض))، و في (م): ((عنده في سجود القرآن، لأن السجود في الصلاة فرض، لأن سجود القرآن ليس بفرض)).
[8] قوله: ((وغيره)) ليس في (ق).
[9] في (ق): ((الرجل)).
[10] في (ق) و(م): ((بيناه)).
[11] قوله: ((وهو المقنع في ذلك، إن شاء الله تعالى)) ليس في (ق) و(م).