عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم
  
              

          7246- (ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ المُثَنَّى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّاب: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ قَالَ: أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلعم وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ / عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم رَقِيقًا، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا أَوْ قَدِ اشْتَقْنَا سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرْنَاهُ قَالَ: «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ، وَمُرُوهُمْ _وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا أَوْ لَا أَحْفَظُهَا_ وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ».
          (ش) مطابقته للترجمة في قوله: (فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ) لأنَّ أذان الواحد يؤذن بدخول الوقت والعمل به.
          و(عَبْدُ الوَهَّاب) هو ابن عبد المجيد الثَّقَفيُّ، و(أَيُّوبُ) هو السَّخْتيَانيُّ، و(أَبُو قِلَابَةَ) بكسر القاف، عبد الله بن زيدٍ الجَرْميُّ، و(مَالِكٌ) هو ابن الحُوَيْرِث _بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة وفي آخره ثاءٌ مُثَلَّثةٌ_ بن حَشِيش _بشينين معجمتين_ على وزن (عظيم) مِن بني سعد بن ليث بن بَكْر بن عبد مناة بن كنانة، حجازيٌّ، سكن البصرة، ومات بها سنة أربعٍ وسبعين.
          والحديث بعين هذا الإسناد والمتن قد مضى في (الصلاة) في (باب الأذان للمسافر) وقد كرَّر هذا الحديث بلا فائدةٍ جديدةٍ، ومضى الكلام فيه هناك.
          قوله: (أَتَيْنَا النَّبِيَّ صلعم ) أي: وافدين عليه.
          قوله: (وَنَحْنُ شَبَبَةٌ) بشين مُعْجَمةٍ وباءين موحَّدتين وفتحاتٍ، جمع (شابٍّ) وهو مَن كان دون الكهولة.
          قوله: (مُتَقَارِبُونَ) أي: في السنِّ، ووقع عند أبي داود: (متقاربين في العلم) وعند مسلمٍ (متقاربين في القراءة).
          قوله: (رَقِيقًا) بقافين، ويُروى بفاءٍ وقافٍ، وعند مسلمٍ بقافين فقط.
          قوله: (اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا) في رواية الكُشْميهَنيِّ: <أهلِينا> بكسر اللَّام وزيادة الياء، جمع (أهل)، وفي (الصلاة) : (اشتقنا إلى أهلنا) والمراد بـ(الأهل) الزوجات أو أعمَّ مِن ذلك.
          قوله: (سَأَلَنَا) بفتح اللَّام، والضمير المرفوع فيه يرجع إلى النَّبِيِّ صلعم .
          قوله: (ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ) إِنَّما أذن لهم بالرجوع لأنَّ الهجرة كانت قد انقطعت بعد الفتح، وكانت الإقامة بالمدينة باختيار الوافد.
          قوله: (وَعَلِّمُوهُمْ) أي: الشرائع (وَمُرُوهُمْ) بالإتيان بالواجبات والاجتناب عن المحرَّمات.
          قوله: (أَحْفَظُهَا أَوْ لَا أَحْفَظُهَا) ليس شكًّا بل هو تنويعٌ، قائل هذا هو أبو قِلَابَة.
          قوله: (وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونَي أُصَلِّي) أي: مِن جملة الأشياء التي حفظها أبو قِلَابَة عن مالكٍ هو قوله صلعم هذا.
          قوله: (فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ) أي: فإذا دخل وقتها.
          قوله: (أَكْبَرُكُمْ) أي: أفضلكم، أو أسنُّكم عند التَّساوي في الفضيلة.