الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الوكالة في الصرف والميزان

          ░3▒ (باب الْوَكَالَةِ) أي: جوازِها (فِي الصَّرْفِ وَالْمِيزَانِ) أي: والمرادُ بـ((الصَّرفِ)) بفتح الصاد: بيعُ النقدِ بالنقدِ، والمرادُ بـ((الميزانِ)): الموزونُ.
          قال ابنُ المنذر: أجمَعوا على أنَّ الوكالةَ في الصَّرفِ جائزةٌ، حتى لو وكَّلَ رجلاً يصرِفُ له دراهِمَ، ووكَّلَ آخرَ يصرِفُ له دنانيرَ، فتلاقيا وتصارَفا صَرْفاً بشرطِه، جازَ ذلك.
          (وَقَدْ وَكَّلَ عُمَرُ) أي: ابنُ الخطَّابِ (وَابْنُ عُمَرَ) أي: عبدُ الله ولدُه (فِي الصَّرْفِ) ولعلَّ الإظهارَ في مقامِ الإضمارِ للتلذُّذِ بذكرِ عمر مرتَين، أو لعلَّ ابنَ عمرَ خاصٌّ بعبدِ الله، بخلافِ: ابنِه، فتأمَّل.
          قال في ((الفتح)): وأثرُ عمرَ وصله سعيدُ بنُ منصورٍ عن أنسٍ بلفظ: أنَّ عمرَ أعطاه آنيَةً مموَّهةً بالذهبِ، فقال له: اذهَبْ فبِعْها، فباعَها من يهوديٍّ بضِعفِ وزنِه، فقال له عمرُ: اردُدْه، فقال له اليهوديُّ: أزيدُك، فقال له عمرُ: لا، إلا بوزنِه، وأما أثرُ ابنِه، فوصلَه سعيدُ بنُ منصورٍ أيضاً من طريقِ الحسَنِ بن سعدٍ قال: كانت لي عند ابنِ عمرَ دراهمُ، فأصَبتُ عنده دنانيرَ، فأرسَلَ معي رسولاً إلى السوق، فقال له: إذا قامَتْ على سِعرٍ، فاعرِضْها عليه، فإن أخَذَها، وإلا فاشترِ له حقَّه، ثم اقضِه إياه، وإسنادُ كلٍّ من الأثرَين صحيحٌ، انتهى.