غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

موسى بن إسماعيل

          1347 # مُوسَى بنُ إسماعيلَ، أبو سَلَمَةَ _بالفتحات_ المِنْقَريُّ _بكسر الميم، وسكون النُّون، وفتح القاف، وكسر الرَّاء_ نسبة إلى بني مِنْقَر بن عُبيد، التَّبُوذَكِيُّ _بفتح التَّاء المثنَّاة، وضمِّ الموحَّدة، وفتح المعجمة، آخرها كاف_ .
          قال ابن السَّمعانيِّ(1) : نسبة إلى بيع السَّماد. قال الجوهريُّ، وصاحب القاموس(2) : السِّرقين المخلوط بالرَّماد. قال ابن السَّمعانيِّ _نقلاً عن ابن داسة_(3) يقول: أبو سلمة التَّبوذكيُّ، أي بيَّاع السَّماد. قال: ويقول البصريُّون لبيَّاع السَّماد: التَّبوذكيَّ(4) . ثمَّ نقل ابن السَّمعانيِّ عن أبي الفضل السُّلاميِّ أنَّ التَّبوذكيَّ هو الذي يبيع ما في بطون الدَّجاج والطُّيور من القلب(5) والكبد والأقنصة، وكذلك قال الكرمانيُّ(6) ، وصاحب القاموس، وقالا: إنَّما قيل لموسى بن إسماعيل: تبوذكيٌّ؛ لأنَّه نزل دار قوم من أهل تبوذك، أو لأنَّه اشترى داراً بتبوذك.
          قال ابن السَّمعانيِّ(7) : كان أبو سلمة من المتقنين الثِّقات، وكان له لَسَنٌ وفصاحة، قدم بغداد في أيَّام المنصور، فاتَّصل به، ثمَّ بالمهديِّ ومن بعدَه، وكان كريماً عليهما، أثيراً عندهما، وغاب عن البصرة عشرين سنة، ثمَّ قدمها، فأتى مجلسه، فلم ير أحداً من جلسائه، فأنشد _من مجزوء الكامل_:
يا مجلسَ القومِ الذيـ                     ـن بهم تفرَّقت المنازل
أصبحتَ بعد عمارةٍ                     قَفْراً تخرِّقُك الشَّمائل
فلئن رأيتُك موحِشاً                     أترى أراك وأنت آهل
          قال: لكن ضعَّفه النَّسائيُّ، وأبو زرعة الرَّازيُّ. وقال غيره: أبو سلمة ثقة، ثبت، مشهور بكنيته واسمه، ولا التفات إلى قول ابن خِرَاش: تكلَّم فيه النَّاس.
          قال الكرمانيُّ: قال محمَّد بن سليمان: قدم علينا يحيى بن معين بالبصرة، فكتب عن التَّبوذكيِّ، فقال: يا أبا سلمة، إنِّي أريد أن أذكر لك شيئاً فلا تغضب؟ قال: هات. قال: حديث همَّام(8) عن ثابت عن أنس، عن أبي بكر ☺ (في) الغار(9) لم يروه أحد من أصحابك، إنَّما رواه عفَّان، (ولم) أجده في صدر كتابك، إنَّما وجدته على ظهره. قال: فما تريد؟ قال: تحلف لي أنَّك سمعته من همَّام. فقال: ذكرت أنَّك كتبت عنِّي عشرين ألفاً، فإن كنت عندك صادقاً ينبغي أن لا تكذِّبني في حديث، وإن كنت عندك كاذباً في حديث فما ينبغي أن تصدِّقني فيها، وترمي بها، بنت أبي عاصم طالق ثلاثاً إن لم أكن سمعته من همَّام، والله لا أكلمك أبداً.
          قال الكلاباذيُّ(10) : سمع موسى(11) عبد الواحد بن زياد، وهمَّاماً، وإبراهيم بن سعد، ويزيد بن إبراهيم، ووُهيباً، وجويرية، وأبا عوانة، ومعتمراً، وعبد العزيز بن مسلم، وعمرو بن يحيى.
          روى عنه البخاريُّ بلا واسطة في مواضع، (أوَّلها): في (باب) أوَّل الحديث الثَّالث(12) من أوَّل صحيحه.
          مات في رجب، سنة ثلاث وعشرين ومئتيتن.


[1] في (ن): (قال ابن السمعاني نقلا في نسبه) وسيأتي أنه نقله عن ابن داسة، وانظر الأنساب:3/18، وترجمته فيه.
[2] مادة (سمد).
[3] في (ن) تصحيفاً: (واستة).
[4] في غير (ن): (تبوذكي).
[5] في غير (ن): (من قلب).
[6] شرح البخاري:1/45.
[7] الأنساب:5/397، والأبيات فيه، وفي غير (ن): (من بحر الرمل)، وفي (ن): (من البحر الكامل الرمل) والمثبت هو الصحيح، وجاء في غير (ن) أيضاً: (أرأيت أن أذكر لك شيئاً) وفي (ن): (لهما أراك وأنت آهل) فوجدتها ضعيفة في سياقها، فأثبت ما في تهذيب الكمال:29/26.
[8] في غير (ن): (حدثت عن همام).
[9] في الأصول كلها: (النار) والتصويب من تهذيب الكمال.
[10] الهداية والإرشاد:2/699.
[11] في (ن)تصحيفاً: (موسى بن عبد الواحد).
[12] بل في باب: بدء الوحي برقم (5)، والعبارة كما ترى مضطربة، لعل فيها سقطاً أو تحريفاً.