-
مقدمة المصنف
-
باب الألف
-
باب الباء
-
باب التاء
-
باب الثاء
-
باب الجيم
-
باب الحاء
-
باب الخاء
-
باب الدال
-
باب الذال
-
باب الراء
-
باب الزاي
-
باب السين
-
باب الشين
-
باب الصاد
-
باب الضاد
-
باب الطاء
-
باب الظاء
-
باب العين
-
باب الغين
-
باب الفاء
-
باب القاف
-
باب الكاف
-
باب اللام
-
باب الميم
-
مالك بن أنس
-
مالك بن إسماعيل
-
مالك بن أبي عامر
-
مالك بن أوس
-
مالك بن الحويرث
-
مالك بن ربيعة
-
مالك بن دينار
-
مالك بن سعير
-
مالك بن صعصعة
-
مالك بن عامر
-
مالك بن يخامر
-
مؤمل بن هشام
-
مبشر بن إسماعيل
-
مثنى بن سعيد
-
مجاشع بن مسعود
-
مجالد بن مسعود
-
مجاهد بن جبر
-
مجزأة بن زاهر
-
مجمع بن يزيد
-
محارب بن دثار
-
محاضر بن المورع
-
محبوب بن الحسن
-
محل بن خليفة
-
محمد بن إبراهيم بن الحارث
-
محمد بن إبراهيم بن دينار
-
محمد بن إبراهيم
-
محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك
-
محمد بن إسماعيل
-
محمد بن أبان
-
محمد بن أبي يعقوب
-
محمد بن إسحاق
-
محمد بن إدريس بن المنذر بن داود
-
محمد بن إدريس بن العباس
-
محمد بن بشار
-
محمد بن بشر
-
محمد بن بكار
-
محمد بن بكر
-
محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء
-
محمد بن أبي بكر بن عوف بن رياح
-
محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم
-
محمد بن بكير بن واصل
-
محمد بن بلال البصري
-
محمد بن جبير
-
محمد بن جحادة
-
محمد بن جعفر
-
محمد بن جعفر بن أبي كثير
-
محمد بن جعفر أبو عبد الله الهذلي غندر
-
محمد بن جعفر أبو جعفر الكوفي
-
محمد بن جهضم
-
محمد بن جعفر المخزومي
-
محمد بن حاتم
-
محمد بن حرب أبو عبد الله الأبرش
-
محمد بن حرب بن خربان
-
محمد بن الحسن
-
محمد بن الحسن بن الزبير
-
محمد بن الحسن الواسطي
-
محمد بن الحسين بن إبراهيم
-
محمد بن أبي الحسين
-
محمد بن أبي حرملة
-
محمد بن أبي حفصة
-
محمد بن حمير
-
محمد بن الحكم
-
محمد بن الحنفية
-
محمد بن خازم
-
محمد بن خلف
-
محمد بن رافع
-
محمد بن زيد
-
محمد بن زياد أبو الحارث
-
محمد بن زياد أبو سفيان الألهاني
-
محمد بن زياد بن عبيد الله
-
محمد بن الزبرقان
-
محمد بن سابق
-
محمد بن سعد
-
محمد بن سعيد بن سليمان
-
محمد بن سعيد بن الوليد
-
محمد بن سلام
-
محمد بن سنان
-
محمد بن سواء
-
محمد بن سوقة
-
محمد بن سيرين
-
محمد بن الصباح
-
محمد بن الصلت أبو جعفر
-
محمد بن الصلت أبو يعلى
-
محمد بن طلحة
-
محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن
-
محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب
-
محمد بن عبد الله بن شهاب الزهري
-
محمد بن عبد الله بن المثنى
-
محمد بن عبد الله بن محمد الرقاشي
-
محمد بن عبد الله بن حوشب
-
محمد بن عبد الله بن نمير
-
محمد بن عبد الله بن المبارك
-
محمد بن عبد الله بن إسماعيل
-
محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر أبو أحمد الزبيري
-
محمد بن عبد الله
-
محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان
-
محمد بن عبد الرحمن بن نوفل
-
محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة
-
محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حارثة
-
محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة
-
محمد بن عبد الرحمن أبو المنذر الطفاوي
-
محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى صاعقة
-
محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة
-
محمد بن عبد العزيز العمري
-
محمد بن عباد بن جعفر المخزومي
-
محمد بن عباد بن الزبرقان
-
محمد بن عبادة
-
محمد بن عبيد الله
-
محمد بن عبيد الله بن سعيد
-
محمد بن عبيد الله بن محمد بن زيد
-
محمد بن عبيد أبو عبد الله الطنافسي
-
محمد بن عثمان بن كرامة
-
محمد بن عثمان بن موهب
-
محمد بن عرعرة
-
محمد بن علي بن أبي طالب
-
محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
-
محمد بن عمرو بن الحسن بن علي بن أبي طالب
-
محمد بن عمرو
-
محمد بن عمرو بن حلحلة
-
محمد بن عمرو أبو عبد الله السويقي
-
محمد بن عرعرة أخر
-
محمد بن عقبة
-
محمد بن العلاء ابن كريب
-
محمد بن غرير
-
محمد بن عمرو بن علقمة
-
محمد بن عيسى بن الطباع
-
محمد بن أبي غالب
-
محمد بن الفضل أبو النعمان
-
محمد بن فضيل
-
محمد بن فليح
-
محمد بن أبي القاسم
-
محمد بن كثير
-
محمد بن كعب
-
محمد بن المبارك
-
محمد بن المثنى
-
محمد بن محبوب
-
محمد بن مسلم بن تدرس
-
محمد بن مسلم بن عبيد الزهري
-
محمد بن مسلمة
-
محمد بن مقاتل
-
محمد بن مسكين
-
محمد بن معمر
-
محمد بن معن
-
محمد بن مطرف
-
محمد بن المنتشر
-
محمد بن المنكدر
-
محمد بن المنهال
-
محمد بن مهران
-
محمد بن موسى بن أعين
-
محمد بن موسى بن عمران
-
محمد بن ميسرة
-
محمد بن ميمون
-
محمد بن النعمان
-
محمد بن النضر
-
محمد بن الوليد بن عامر
-
محمد بن الوليد بن عبد الحميد
-
محمد بن وهب
-
محمد بن هشام
-
محمد بن يحيى بن حبان
-
محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد
-
محمد بن يحيى بن علي
-
محمد بن يحيى بن عبد العزيز
-
محمد بن يوسف
-
محمد بن يوسف بن عبد الله بن يزيد
-
محمد بن يوسف بن واقد أبو عبد الله الفريابي
-
محمد بن يزيد البزاز
-
محمد بن أبي المجالد
-
محمود بن الربيع
-
محمود بن غيلان
-
مخارق بن عبد الله
-
مخرمة بن سليمان الوالبي
-
مخلد بن مالك
-
مخلد بن يزيد
-
مخول بن راشد
-
مرثد بن عبد الله
-
مرجى بن رجاء
-
مرار بن حمويه
-
مرحوم بن عبد العزيز
-
مرداس بن مالك
-
مرة بن شراحيل
-
مروان بن الحكم
-
مروان بن خلف
-
مروان بن شجاع
-
مروان بن معاوية
-
المستورد بن شداد
-
مسدد بن مسرهد
-
مسعر بن كدام
-
مسكين بن بكير
-
مسلم بن إبراهيم
-
مسلم بن سالم
-
مسلم بن صبيح
-
مسلم بن أبي عمران
-
مسلم بن أبي مريم
-
مسروق بن الأجدع
-
مسور بن مخرمة
-
المسيب بن حزن
-
المسيب بن رافع
-
مصعب بن سعد بن أبي وقاص
-
مطر بن الفضل
-
مطرف بن طريف
-
مطرف بن عبد الله بن الشخير
-
مطرف بن عبد الله بن سليمان
-
معاذ بن أسد
-
معاذ بن جبل
-
معاذ بن رفاعة
-
معاذ بن عبد الرحمن
-
معاذ بن فضالة
-
معاذ بن معاذ
-
معاذ بن هشام بن أبي عبد الله
-
معافى بن عمران
-
معاوية بن إسحاق
-
معاوية بن سلام
-
معاوية بن أبي سفيان
-
معاوية بن سويد
-
معاوية بن عمرو
-
معاوية بن عبد الرحمن
-
معاوية بن قرة
-
معبد بن خالد
-
معبد بن سيرين
-
معبد بن كعب
-
معبد بن هلال
-
معتمر بن سليمان
-
معدان بن أبي طلحة
-
المعرور بن سويد
-
معقل بن يسار
-
معلى بن أسد
-
معلى بن منصور
-
معمر بن راشد
-
معمر بن يحيى
-
معن بن عبد الرحمن
-
معن بن عيسى بن يحيى
-
معن بن محمد
-
معن بن يزيد
-
معيقيب بن أبي فاطمة
-
المغيرة بن شعبة
-
المغيرة بن عبد الرحمن
-
المغيرة بن مقسم
-
المغيرة بن النعمان
-
المغيرة بن سلمة
-
المفضل بن فضالة
-
المقداد بن عمرو
-
المقدام بن معدي كرب
-
مقدم بن محمد
-
مقسم بن بجرة
-
مكي بن إبراهيم
-
المنذر بن سعد
-
المنذر بن الوليد
-
المنذر بن يعلى
-
منصور بن زاذان
-
منصور بن سعد
-
منصور بن سلمة
-
منصور بن عبد الرحمن
-
منصور بن المعتمر
-
المنهال بن عمرو
-
مهاجر أبو الحسن التيمي
-
مهدي بن ميمون
-
مورق بن مشمرج
-
موسى بن إسماعيل
-
موسى بن أعين
-
موسى بن أنس
-
موسى بن حزام
-
موسى بن طلحة
-
موسى بن أبي عائشة
-
موسى بن عقبة
-
موسى بن مسعود أبو حذيفة النهدي
-
موسى بن نافع الأسدي
-
موسى بن هارون
-
ميمون بن سياه
-
ميسرة بن عمار
-
مالك بن أنس
-
باب النون
-
باب الهاء
-
باب الواو
-
باب اللام ألف
-
باب الياء
-
أسماء النساء
-
الأنساب والكنى
-
باب في بيان أسماء من تفرد به مسلم في صحيحه
-
باب في بيان الكنى التي تفرد بذكرها مسلم
-
من كنى النساء
1227 # محمَّد بن مُسْلِم بن عُبيد الله بن عبدِ الله بن شِهاب، أبو بكر، القرشيُّ، الزُّهريُّ، نزيل الشَّام.
فقيه، ثبت، عدل، رضًا ثابت تابعيٌّ، مجمع على جلالته وإتقانه. سمع عشرة من الصَّحابة بل أكثر، قال اللَّيث بن سعد: ما رأيت عالماً أجمع من الزُّهريِّ، ولا أكثر علماً منه. وقال عمرو بن دينار: ما رأيت أنصر للحديث من الزُّهريِّ، ولا أحداً الدُّنيا أهون عنده (عليه) منه، إن كانت الدَّراهم والدَّنانير عنده بمنزلة البعر.
قال البخاريُّ في التَّاريخ(1) : إنَّه أخذ القرآن في ثمانين ليلة. قال الشَّافعيُّ: لولا الزُّهريِّ لذهبت السُّنن من المدينة. وعلى الجملة العلماء متَّفقون على إمامته وحفظه وضبطه وعرفانه، وقد وصفوه بأنَّه جمع علوم(2) [جميع] التَّابعين، وهو أخو عبد الله بن مسلم، وعبد الله أكبر منه، ومات قبله.
سمع: سهل بن سعد السَّاعديَّ، وأنس بن مالك، والسَّائب بن يزيد، ومحمود بن الرَّبيع، وسُنَيناً _بضمِّ المهملة، وفتح النُّون الأولى_ أبا جَميلة، وكلُّ هؤلاء صحابة.
وسمع من التَّابعين: عروة بن الزُّبير، وسعيد بن المسيَّب، [وأبا سلمة بن عبد الرَّحمن، وعبيد الله بن عتبة، وعبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، وعطاء بن أبي رباح، وعبد الرَّحمن الأعرج، وسالماً، وحمزة،] وعبيد الله بن عبد الله بن عمر، وعَمْرَةَ بنت عبد الرَّحمن، وهنداً الفِرَاسيَّة.
روى عنه: صالح بن كَيسان، وعمرو بن دينار، ويحيى بن سعيد الأنصاريُّ، ومنصور بن المعتمر، ومالك، ومعمر، وابن عُيينة، وعقيل، ويونس، وشعيب بن أبي حمزة، ومحمَّد الزُّبَيديُّ _بضمِّ الزَّاي، وفتح الموحَّدة_ واللَّيث بن سعد، ومحمَّد بن أبي ذئب، والأوزاعيُّ، وابن جُريج.
قلت: لم أعلم في البخاريِّ أحداً أكثرَ منه البخاريُّ كما أكثر من الزُّهريِّ.
سئل عِرَاك بن مالك: من أفقه أهل المدينة؟ قال: أمَّا(3) أعلمهم بقضايا رسول الله صلعم وأبي بكر وعمر وعثمان، وأفقههم فقهاً، وأعلمهم بما مضى من أمر النَّاس فسعيد بن المسيَّب، / وأمَّا أغزرهم حديثاً فعروة بن الزُّبير، ولا تشاء أن تفجِّر من عبيد الله بن عبد الله بحراً إلَّا فجَّرته. قال: وأعلمهم جميعاً عندي محمَّد بن شهاب؛ لأنَّه جمع علومهم(4) إلى علمه.
وسأل هشام بن عبد الملك أن يملي الزُّهريُّ على بعض أولاده شيئاَ من الحديث، فدعا بكاتب، وأملى عليه أربعمئة حديث، ثمَّ لقيه هشام بعد شهر، فقال للزُّهريِّ: إنَّ ذلك الكتاب قد ضاع. قال: لا عليك. فدعا بكاتب، فأملى عليه، ثمَّ قابل هشام بالكتاب الأوَّل، فما غادر حرفاً.
وسئل أبو إبراهيم بن سعد(5) ، بم فاقكم(6) الزُّهريُّ؟ قال: كان يأتي المجالس من صدورها، ولا يأتيها من خلفها، ولا يبقي في المجلس شابًّا إلَّا ساءَله، ولا كهلاً إلَّا ساءله، ولا فتًى إلَّا ساءله، [ثمَّ يأتي الدَّار من دور الأنصار، فلا يبقي شابًّا إلَّا ساءله، ولا كهلاً إلَّا ساءله،] ولا عجوزاً إلَّا ساءلها، ولا كهلة إلَّا ساءلها؛ حتَّى يحاول أصحاب الحِجَال.
قال اللَّيث: ما رأيت عالماً قطُّ أجمع من ابن شهاب، ولا أكثر علماً منه، ولو سمعته يحدِّث في التَّرغيب لقلت: لا يحسن إلَّا هذا. وإن حدَّث عن العرب والأنساب لقلت: لا يحسن إلَّا هذا. وإن حدَّث عن القرآن والسُّنَّة كان حديثه ينبوعاً جامعاً، وقلت له: يا أبا بكر، لو وضعت للنَّاس هذه الكتب ودوَّنتها(7) . فقال: ما نشر أحد من النَّاس هذا العلم نشري، ولا بذله بذلي، قد كان عبد الله بن عمر يجالس، فلا يجترئ عليه أحد يسأله عن حديث، حتَّى يأتيه إنسان فيسأله، أو هو يبتدئ الحديث، وكنَّا نجالس سعيد بن المسيَّب، ولا نسأله عن حديث، حتَّى يأتي إنسان فيسأله، (فيهيِّجه) ذلك، أو هو يبدأ بالحديث.
قال ابن المدينيِّ: له نحو من ألفي(8) حديث مسندة.
قال ابن منجويه: كان من أحفظ أهل زمانه، وأحسنهم سياقاً للمتون، فقيهاً، فاضلاً، أوصى أن يدفن على قارعة الطَّريق، [ونشد شعراً في ذلك:
بقارعة الطَّريق جعلت قبري لأحظى بالتَّرحُّم من صديق
فيا مولى الموالي أنت أولى برحمة من يموت على الطَّريق ].
نقل عنه البخاريُّ بالواسطة في مواضع كثيرة، أوَّلها: في أوَّل الصَّحيح، في الحديث الثَّالث، من كتاب بدء الوحي [خ¦3] .
قال اللَّيث بن سعد: كتبت من علم الزُّهريِّ شيئاً كثيراً، وطلبت ركوب البريد إليه إلى الرُّصافة، فخفت أن لا يكون ذلك لله، فتركته.
قال القاضي شمس الدِّين ابن خلِّكان(9) : الزُّهريُّ أحد الفقهاء المحدِّثين الأعلام، ومن سادات التَّابعين بالمدينة.
روي عن عمرو بن دينار أنَّه قال: وأيُّ شيء عند الزُّهريِّ؟ أنا لقيت ابن عمر، ولم يلقه، ولقيت ابن عبَّاس، ولم يلقه. فقدم الزُّهريُّ مكَّة، فقال عمرو: احملوني إليه. وكان قد أقعد، فحمل إليه، فلم يأت إلى أصحابه إلَّا بعد ليل، فقالوا له: كيف رأيت؟ قال: والله ما رأيت مثل هذا القرشيِّ قطُّ.
وقيل لمكحول الشَّاميِّ: من أعلم من رأيت؟ قال: ابن شهاب.
وحضر الزُّهريُّ يوماً، مجلس هشام بن عبد الملك، وعنده أبو الزِّناد، فقال له هشام: أيُّ شهر كان يخرج فيه العطاء لأهل المدينة؟ فقال الزُّهريُّ: لا أدري. فسأل أبا الزِّناد، فقال: المحرَّم. فقال هشام للزُّهريِّ: / يا أبا بكر، هذا علم استفدته اليوم. فقال: مجلس أمير المؤمنين أهل أن يستفاد منه العلم.
وكان إذا جلس في بيته وضع كتبه حوله، فيشتغل بها عن كلِّ شيء من أمور الدُّنيا، فقالت له امرأته: والله لهذه الكتب أشدُّ عليَّ من ثلاث ضرائر.
وكان أبو جدِّه عبد الله بن شهاب شهد مع المشركين بدراً، وكان أحد النَّفر الذين تعاقدوا يوم أحد: لئن رأوا رسول الله صلعم ليَقتلُنَّه أو ليُقتلُنَّ دونه، روي أنَّه: قيل للزُّهريِّ: هل شهد جدُّك بدراً؟ فقال: نعم، ولكن من ذلك الجانب. يعني كان في صفِّ المشركين، وكان أبوه مُسْلِم مع مصعب بن الزُّبير، ولم يزل الزُّهريُّ مع عبد الملك.
قال حجَّة الإسلام الغزاليُّ(10) _⌂ في إحيائه_: لمَّا خالط الزُّهريُّ السُّلطان كتب إليه أخ [له] في الله تعالى: عافانا الله تعالى وإيَّاك أبا بكر من الفتن، فقد أصبحت بحال ينبغي لكلِّ من عرفك أن يدعو لك الله تعالى ويرحمك، أصبحت شيخاً كبيراً، وقد أثقلتك نعم الله(11) تعالى؛ لما فهَّمك من كتابه، وعلَّمك من سنَّة نبيِّه محمَّد صلعم، وليس كذلك أخذ الله الميثاق على العلماء، قال الله تعالى: { لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ }(12) [آل عمران:187] واعلم أنَّ أيسر ما ارتكبته، وأخفَّ ما احتملت أنَّك آنست وحشة الظَّالم، وسهَّلت سبيل الغيِّ بدُنوِّك ممَّن لم يؤدِّ حقًّا، ولم يترك باطلاً، اتَّخذك الظَّلمة قطباً يدور عليك رحاهم، وجسراً يعبرون عليك إلى بلائهم، وسلَّماً يصعدون فيه إلى ضلالتهم، فما يؤمِّنك أن تكون ممَّن قال الله تعالى فيهم: { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } [الأعراف:169] الآية، وأنَّك تعامل من لا يجهل، ويحفظ عليك من لا يغْفُل، فداو دينك، فقد دخله سقم، وهيِّئ زادك، فقد حضر سفر بعيد: { وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء } [إبراهيم:38] والسَّلام. انتهى كلام الغزاليِّ.
توفِّي لسبع خلون(13) ، أو لسبع عشرة خلت من رمضان، سنة أربع وعشرين ومئة على الأصحِّ، وقيل: ثلاث وعشرين. وقيل: خمس ومئة. وهو ابن اثنتين(14) أو ثلاث وسبعين [سنة] ، بتقديم المهملة على الموحَّدة، وقال الواقديُّ: ابن تسعين، بتقديم المثنَّاة الفوقيَّة على المهملة.
قال ابن خلِّكان(15) : ودفن بضيعته بآخر عمل الحجاز، وأوَّل فلسطين، وقبره على الطَّريق؛ ليدعو له كلُّ من يمرُّ به(16) . وقال غيره: مات بالشَّام. وقال ابن السَّمعانيِّ(17) : كان الزُّهريُّ من أحفظ أهل زمانه، وأحسنهم سياقاً لمتون الأخبار، وكان فقيهاً فاضلاً، مات في ناحية الشَّام، وقبره بِبَدَّا وشَغْبٍ مشهور يُزار، انتهى.
[1] التاريخ الكبير:1/220.
[2] في (ن): (علم).
[3] في (ن) تصحيفاً: (أنا).
[4] في (ن): (علمهم).
[5] في الأصول كلها: أبو سعيد بن إبراهيم، وفي تهذيب الكمال 26/438: عن إبراهيم بن سعد، قلت لأبي: بم فاقكم الزهري؟.
[6] في (ن) تصحيفاً: (فاتكم).
[7] في (ن): (ودونتها).
[8] في غير (ن): (نحو ألف) وفي (ن): (نحو لفي) والمثبت من سير الأعلام للذهبي:5/328.
[9] وفيات الأعيان:4/177.
[10] الإحياء:2/143.
[11] تكرر في (ن): (نعم الله).
[12] جاء رسم الآية في الأصول كلها بالياء في (ليبيننه) و(يكتمونه) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم في رواية أبي بكر بن عياش، وقرأ باقي السبعة بالتاء للخطاب. كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص221.
[13] في غير (ن): (خلت).
[14] في (ن): (اثنين).
[15] وفيات الأعيان:4/178.
[16] في غير (ن): (عليه).
[17] الأنساب:3/180، وجاء في أصولنا (ببيدا شعب)، وهو تصحيف، والمثبت من الأنساب، وفي تهذيب الأسماء للنووي 1/92: شَغْبَدَا، بشين مفتوحة، وغين ساكنة معجمتين وبباء موحدة مفتوحة، ثم دال مهملة مفتوحة مخففة، وفي طبقات ابن سعد 9/187: شَغْب وبَدَا، وهي أول عمل فِلَسْطين، وآخر عمل الحجاز، وبها صنيعة الزهري، ورأيت قبره مُسَنَّماً مجصَّصاً أبيض.