غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

المقداد بن عمرو

          1330 # المِقْدادُ بنُ عَمْرو(1) _بكسر الميم، وسكون القاف_ بن ثعلبة(2) ، أبو مَعْبد، وأبو الأسود، [البَهْرانيُّ،] الكِنْديُّ، المدنيُّ، الصَّحابيُّ.
          شهد بدراً، وكان في حجْر الأسود بن عبد يغوث، فنسب إليه، وقيل: مقداد بن الأسود؛ لأنَّه تبنَّاه.
          روى عنه عبيد الله بن عَديٍّ.
          نقل عنه البخاريُّ بالواسطة، في أوَّل الدِّيات [خ¦6865] ، وفي باب من شهد بدراً من الملائكة [خ¦4019] .
          لم يثبت أنَّه كان يوم بدر فارس غيره إلَّا الزُّبير، ويقال له: المقداد الكنديُّ؛ لأنَّه أصاب دماً في بَهْراء، فهرب منهم إلى كندة، فحالفهم، ثمَّ أصاب فيهم دماً، فهرب إلى مكَّة، فحالف الأسود بن عبد يغوث، وقال أحمد بن صالح المصريُّ: هو حضرميٌّ، وحالف كندة.
          وهو قديم الإسلام، من السَّابقين، وهاجر إلى الحبشة، ثمَّ رجع إلى مكَّة، فلم يقدر على الهجرة إلى المدينة لمَّا هاجر رسول الله صلعم، / وبقي إلى أن بعث صلعم عبيدة بن الحارث في سريَّة، فلقوا جمعاً من المشركين عليهم عكرمة بن أبي جهل، وكان المقداد وعتبة بن غزوان قد خرجا مع المشركين ليتوصَّلا إلى المسلمين، فتوافقت الطَّائفتان، ولم يكن قتال، فانحاز المقداد وعتبة إلى(3) المسلمين، وله في بدر مقام مشهور، وذلك أنَّ النَّبيَّ صلعم استشار المسلمين، فقال أبو بكر فأحسن، فقام المقداد، فقال: يا رسول الله، امض لما أمرت به، فنحن معك، والله لا نقول [لك] كما قال بنو إسرائيل لموسى: { فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } [المائدة:24] ولكن اذهب أنت وربُّك [فقاتلا](4) فإنَّا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحقِّ نبيًّا لو سرت بنا إلى بَرْك الغماد لجالدنا معك من دونه حتَّى نبلغه. فقال له رسول الله خيراً، ودعا له به.
          قال ابن مسعود: أوَّل من أظهر الإسلام بمكَّة سبعة. وعدَّ منهم المقداد، وشهد أحداً والمشاهد كلَّها.
          روى عن رسول الله صلعم اثنين وأربعين حديثاً. /
          قال رسول الله صلعم: «إنَّ الله ╡ أمرني بحبِّ أربعة، وأخبرني أنَّه يحبُّهم». قيل: يا رسول الله، سمِّهم لنا. قال: «عليٌّ منهم». يقول ذلك ثلاثاً «وأبو ذرٍّ، وسلمان، والمقداد».
          قال عليُّ بن أبي طالب: قال النَّبيُّ صلعم: «لم يكن نبيٌّ إلَّا أعطي سبعة نجباء وزراء رفقاء، وإنِّي أعطيت أربعة عشر: حمزة وجعفر وأبو بكر وعمر وعليٌّ والحسن والحسين وابن مسعود وسلمان، وعمَّار، وأبو ذرٍّ، وحذيفة، والمقداد، وبلال».
          وشهد المقداد فتح مصر، قال سُليم عن المقداد: سمعت رسول الله صلعم يقول: «إذا كان يوم القيامة أدنيت الشَّمس من العباد، حتَّى تكون قِيْدَ ميل أو ميلين». قال سُليم بن عامر: لا أدري أيَّ الميلين عنى، أمسافة الأرض أم الميل الذي يكتحل به؟ قال: «فتصهرهم الشَّمس، فيكونون في العرق بقدر أعمالهم، فمنهم من يأخذه إلى عقبيه، ومنهم إلى ركبتيه، ومنهم إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاماً». فرأيت رسول الله صلعم يشير إلى فيه. [أي يلجمه إلجاماً.
          قال ابن الأثير: إنَّ المقداد فتق بطنه، وخرج منه الشَّحم،]
ومات بالمدينة، في خلافة عثمان، (ومات) بالجُرف، وحمل إلى المدينة، وأوصى إلى الزُّبير بن العوَّام.
          وللمقداد مناقب كثير، أجلُّها أنَّه ممَّن يحبُّه الله، وكان رجلاَ ضخماً شجاعاً مقداماً.
          عاش سبعين سنة، ويقال: مات قبل خلافة عثمان. والأكثر أنَّه مات سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة (الشَّريفة).


[1] جاء في غير (ن): (المقدام بن عمرو) وهو تصحيف.
[2] في (ن) تصحيفاً: (أبو ثعلبة).
[3] في غير (ن): (على).
[4] أسد الغابة:5/251، وما بين حاصرتين منه، ومعنى أنه ما كان يوم بدر فارس غيره، أي لم يكن راجلاً بل كان معه فرسه؛ فلذلك أسهم له رسول الله صلعم بسهمين له ولفرسه.