غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

معيقيب بن أبي فاطمة

          1323 # مُعَيْقِيْبُ بنُ أبي فاطمةَ _بضمِّ الميم، وفتح المهملة، وبقاف بين مثنَّاتين تحتيَّتين، آخرها موحَّدة، ويقال: مُعَيْقِبُ بإسقاط الياء الأخيرة_ الدَّوسيُّ، بفتح المهملة. قال أبو الزُّبير: الدَّوس حصن على رأس جبل، لايؤتى إلَّا في مثل الشِّراك. قال ابن السَّمعانيِّ(1) : لعلَّ هذه القبيلة نزلته، فنسبت إليه.
          قال ابن الأثير(2) : معيقيب حليف لآل سعيد بن العاص. أسلم قديماً بمكَّة، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثَّانية، ثمَّ هاجر إلى المدينة، وله عقب. قيل: قدم المدينة مع جعفر في السَّفينتين، والنَّبيُّ صلعم بخيبر. وقيل: قدمها قبل ذلك. وقال ابن منده: إنَّه شهد بدراً، وكان على خاتم النَّبيِّ صلعم، واستعمله الشَّيخان ☺ وعنهما خازناً على بيت المال، وأصابه الجُذَام، وأحضر عمر له الأطبَّاء، فعالجوه، فوقف المرض(3) ، قيل: هو المجذوم الذي أكل مع النَّبيِّ صلعم ووضع يده في الإناء. قال الزَّركشيُّ: كان بمعيقب علَّة من جذام، وبأنس طرف من برص، ولا يعرف في الصَّحابة من أصيب بذلك غيرهما، وهو الذي سقط من يده خاتم النَّبيِّ صلعم أيَّام عثمان ☺ في بئر أَريس، ولم يوجد، ومذ سقط الخاتم اختلفت الكلمة، وكان من أمر عثمان ما كان، / واستمرَّ الاختلاف(4) إلى الآن.
          قال ابن الأثير(5) : والنَّاس يعجبون من خاتم سليمان ◙، وكانت المعجزة بها في الشَّام حسب، وهذه الخاتم(6) منذ عدمت اختلفت الكلمة، وزال الاتِّفاق، وزاد النِّفاق، وكثر الشِّقاق في جميع الآفاق، من أقصى خراسان إلى آخر المغرب. قلت: ولمَّا وجد خاتم سليمان _كما هو مذكور في موضعه_ ارتفع الخُلْف، ولو قدِّر أن يوجد هذا الخاتم لارتفع الخُلْف بيننا أيضاً، لكن هكذا أراد الله، واختلاف هذه الأمَّة رحمة.
          وروى معيقيب عن رسول الله صلعم سبعة أحاديث، للبخاريِّ منها حديث واحد.
          وروى عنه ابنه محمَّد عن النَّبيِّ صلعم أنَّه قال: «هل تدرون على من تحرَّم النَّار»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «على الهيِّن اللَّيِّن [القريب] السَّهل».
          قال أبو نصر(7) : هو حليف زيد بن حارثة، وقال الواقديُّ: حليف بني عبد شمس. روى عنه أبو سَلَمة بن عبد الرَّحمن.
          نقل عنه البخاريُّ بالواسطة، في باب مسح الحصا، في الصَّلاة [خ¦1207] .
          وتوفِّي في آخر خلافة عثمان، وقيل: توفِّي سنة أربعين، في آخر خلافة عليٍّ ☻.
          وهو من السَّابقين الأوَّلين، هاجر الهجرتين، وصلَّى إلى القبلتين، وشهد المشاهد.


[1] الأنساب:2/506.
[2] أسد الغابة:5/231.
[3] في غير (ن) تأخر قوله: (وأحضر.. ) إلى ما بعد ثلاث جمل.
[4] في غير (ن): (الخلاف).
[5] أسد الغابة:4/402، وترجمته فيه، قال المزي في تهذيب الكمال 28/345: نزل به داء الجذام فعولج بالحنظل بأمر من عمر بن الخطاب فتوقف، وجاء في هامش ا(ه) ما نصه: ذكر ابن قتيبة في المعارف، قال: أنس بن مالك، كان بوجهه برص، وذكر قوم أن علياً ☺ سأله عن قول رسول الله صلعم: (اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه) فقال: كبرت سني ونسيت، فقال علي: إن كنت كاذباً فضربك الله ببيضاء لا تواريها العمامة.
[6] أشار المصنف إلى الخاتم بصيغة التأنيث (هذه) وكان حقه التذكير.
[7] الهداية والإرشاد:2/729.