غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

منصور بن المعتمر

          1342 # مَنْصُورُ بنُ المُعْتَمِرِ، أبو عَتَّاب _بفتح المهملة، وشدَّة المثنَّاة الفوقيَّة، آخرها موحَّدة_ السُّلَمِيُّ، الكوفيُّ.
          ثقة، ثبت، وكان لا يدلِّس، وهو من طبقة الأعمش، لكنَّه مات قبله.
          سمع: أبا وائل، وإبراهيم النَّخعيَّ، والشَّعبيَّ، والزُّهريَّ، وأبا الضُّحى، ومجاهداً، ورِبْعي بن حِرَاش، وسالم بن أبي الجعد، والمنهال بن عمرو، وسعد بن عُبيدة(1) ، [وسعيد بن جبير، قال البخاريُّ في باب مبعث النَّبيِّ [خ¦3855] عن منصور قال: حدَّثني سعيد بن جبير، أو الحكم عن سعيد بن جبير] .
          روى عنه: شعبة، والثَّوريُّ، وابن عيينة، وشيبان، وروح بن القاسم، وأبو الأَحْوصِ، وحمَّاد بن زيد، وجَرير [بن عبد الحميد] ، وإسرائيل بن يونس.
          نقل عنه البخاريُّ بالواسطة في مواضع، أوَّلها: في باب من جعل لأهل العلم أيَّاماً معلومة، من كتاب العلم [خ¦70] .
          وكان منصور يبكي باللَّيل(2) ، فإذا أصبح اكتحل وادَّهن وبرَّق شفتيه، وقد عمش من كثرة البكاء.
          وأخذه يوسف بن عمر عامل الكوفة يريده على القضاء فامتنع، فجيء بالقيد ليقيِّده، وجاءه خصمان، فقعدا بين يديه، فلم يسألهما، ولم يكلِّمهما، فقيل ليوسف: إنَّك لو نثرت لحمه لم يك(3) ليلي القضاء لك. فخلَّى عنه، [وأخذه داود بن عليٍّ، فأقامه على قدميه؛ ليلي القضاء، حتَّى ورمتا، ودفع إليه العهد، فوضعه في كوَّة البيت، فلم يخرج حتَّى مات] .
          ومات بعد السُّودان بقليل، وجاء السُّودان سنة إحدى وثلاثين ومئة.
          اعلم أنَّه ذكر البخاريُّ في كتاب القدر [خ¦بعد6611] ، في قوله تعالى: { وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا } [الأنبياء:95] قال: (قال) منصور بن النُّعمان عن عكرمة. قال الكرمانيُّ(4) : قيل: صوابه(5) ابن المعتمر. قال الزَّركشيُّ: قيل: صوابه(6) منصور بن المعتمر، ومنهم من عكس، / انتهى. واعلم أنَّه لم يعرف هذا من شيوخ البخاريِّ.
          قال الكرمانيُّ: كان منصور بن المعتمر متعبِّداً متهجِّداً، قالت فتاة لأبيها: يا أبت، الأسطوانة التي كانت في دار منصور نراها ليلاً ما جرى لها؟ قال: يا بنيَّة(7) ، ذاك منصور كان يصلِّي باللَّيل، فمات.
          قال ابن المدينيِّ: إذا حدَّثك ثقة عن منصور بن المعتمر، فقد ملأ يديك، فلا تريد غيره. قال سفيان بن عيينة: رأيت منصور بن المعتمر في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: كدت أن ألقى(8) الله بعمل نبيٍّ.
          أقام منصور أربعين سنة لم يتكلَّم بعد عشاء الآخرة.
          [قال في الإحياء(9) : إذا رأيت منصور بن المعتمر قلت: رجل أصيب بمصيبة، منكسر الطَّرف، منخفض الصَّوت، رطب العينين، إن حرَّكته جاءت عيناه، ولقد قالت أمُّه: ما هذا الذي تصنع بنفسك؟ تبكي اللَّيل عامَّته لا تسكت! لعلَّك قتلت قتيلاً؟!. فيقول: يا أمَّاه، أنا أعلم ما صنعت بنفسي] .


[1] في (ن) تصحيفاً: (سعيد بن عبيدة).
[2] في (ن): (يبكي الليل).
[3] في غير (ن): (لم يكن).
[4] شرح البخاري:23/82.
[5] في (ن): (قيل إنه المنصور بن المعتمر).
[6] في (ن): (قيل هو أنه المنصور).
[7] في (ن): (يا بنتي).
[8] في (ن) تصحيفاً: (كذا إني ألقى).
[9] 4/411. وجاء في (ن): (مكسر) و(ما هذا تصنع بنفسك) و(ألا سكت) والمثبت من الإحياء.