غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

محمد بن إدريس بن العباس

          1127 # محمَّد بن إدريس بن العبَّاس بن عثمان بن شافع(1) بن السَّائب بن عُبيد بن عَبد يَزيد بن هاشم بن المطَّلب بن عبد مناف، القُرشيُّ، المُطَّلبيُّ، الحجازيُّ، الشَّافعيُّ:
          وأمُّه أزديَّة على المشهور، هو ابن عمِّ النَّبيِّ صلعم، يجتمع نسبه معه في عبد مناف، وابن عمَّته أيضاً، قاله ابن الملقِّن.
          ولد بغزَّة، وقيل بعسقلان، وهما من الأرض التي بارك الله فيها، فإنَّهما على نحو مرحلتين من بيت المقدس، وقيل: ولد باليمن. وقيل: بخيف منى. في السَّنة التي توفِّي فيها أبو حنيفة، سنة خمسين ومئة، ولم يصحَّ أنَّه ولد في اليوم الذي مات فيه أبو حنيفة ⌐ ثمَّ حُمل الشَّافعيُّ وهو ابن سنتين إلى مكَّة المشرَّفة، ونشأ يتيماً في حجر والدته، في ضيق الحال، وضنك العيش، وكان يجالس العلماء في صباه، ويكتب ما يستفيده في العظام والخشب ونحوهما؛ حتَّى ملأ منهما حِبَاباً(2) ، وكان قد تولَّع بالشِّعر، وأيَّام العرب، ووقائعها، والأدب، والنَّسب، ثمَّ بينما هو سائر نحو جمرة العقبة، فسمع هاتفاً: [يا أبا عبد الله، عزَّ عليَّ أن لا يكون مع هذه اللُّغة وهذه الفصاحة والذَّكاء فقه، فتكون قد سدت أهل زمانك] .(3) فأخذ في الفقه بعد ذلك، ومات أبوه وهو ابن سنتين، ثمَّ رحل إلى المدينة وهو مراهق، ابن ثلاث عشرة(4) سنة قاصداً إمام دار الهجرة مالك بن أنس، فدخلها اليوم التَّاسع، وقد كمل تسع ختمات، كل يوم ختمة. قيل: لمَّا خرجت القافلة ليلاً وتبعهم الشَّافعيُّ سمع رئيس القوم صوتاً حسناً يقرأ القرآن، فسأل عنه، فقيل: شابٌّ فتًى يقرأ القرآن. فاستحضره، وسأله أن يركب نجيباً له، ويقرأ القرآن، ويهدي الثَّواب للرَّئيس، فأبى الشَّافعيُّ، فسأله أن يركب، ولا يمنعه من سماع صوته، فأجابه إليه، فركب وقرأ الختمات _كما ذكرنا_ فلمَّا ورد على الإمام مالك أكرمه وأدخله داره، وقام بنفسه في أموره، فقال له الشَّافعيُّ: ما ينبغي لمثلك أن يفعل بمثلي مثلما تفعل. فقال مالك: إكرام الضَّيف من الإيمان، قال صلعم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه». /
           ولمَّا ورد الحبشةُ على النَّبيِّ صلعم قام بنفسه في أمورهم، فقال الصَّحابة: يا رسول الله، نحن نكفيك ذلك. قال: «هؤلاء أتوني من عند من أكرم أصحابي، فأريد أن أكافيهم». أو كما قال صلعم. ثمَّ انصرف مالك، وأقام غلامه إلى جنح اللَّيل، ثمَّ لمَّا أراد الانصراف قال للشَّافعيِّ: هذا الوضوء، وهذا بيت الخلاء، وهذه القبلة. قال الشَّافعيُّ: إذا كان هذا أدب الغلام، فكيف أدب السَّيِّد؟! ثمَّ أقام الشَّافعيُّ بالمدينة ستَّة أشهر، وقرأ الموطأ على مالك حفظاً، فأعجبه قراءته، وتعجَّب منه، وقال له: اتَّق الله، واجتنب المعاصي، فإنَّ لقلبك نوراً، فلا تطفيه بالمعاصي، وسيكون لك شأن.
          قال محمَّد بن (عبد الله بن) عبد الحكم: لمَّا حملت أمُّ الشَّافعيِّ رأت كأنَّ المشتري خرج من فرجها حتَّى انقضَّ بمصر، ثمَّ وقع في كلِّ بلدة منه شظيَّة، فتأمَّل أصحاب الرُّؤيا أنَّه يخرج عالم يخصُّ علمه أهل مصر، ثمَّ يتفرَّق في سائر البلدان.
          قال ابن الملقِّن: تولَّى الشَّافعيُّ اليمن، واشتهر من حسن سيرته، وحمله النَّاس على السُّنَّة والطَّريقة الجميلة أشياء كثيرة معروفة، ثمَّ ترك ذلك، وأخذ في الاشتغال(5) (بالعلم) والعلوم، ورحل إلى العراق، وناظر محمَّد بن الحسن وغيره، ونشر علم الحديث ومذهب أهله، ونصر السُّنَّة، وشاع ذكره، وذاع فضله، وطلب منه عبد الرَّحمن بن مهديٍّ إمام(6) عصره في الحديث أن يصنِّف كتاباً في أصول الفقه، فصنَّف كتاب الرسالة، وهو أوَّل كتاب صنِّف في الأصول، فجزاه الله تعالى عن المسلمين كلَّ خير، وكان ابن مهديٍّ ويحيى القطَّان يعجبان به، وكان القطَّان وأحمد بن حنبل يدعوان للشَّافعيِّ في صلاتهما، وقال الإمام أحمد: ما صلَّيت صلاة منذ أربعين سنة إلَّا وأنا أدعو للشَّافعيِّ. ولكثرة دعائه له قال له ابنه: أيُّ رجل كان الشَّافعيُّ حتَّى تدعو له كلَّ هذا الدُّعاء؟ قال: يا بنيَّ، كان الشَّافعيُّ كالشَّمس للدُّنيا، وكالعافية للنَّاس، فانظر هل لهذين من خلف؟ وقال: ما يمسُّ أحد بيده محبرة إلَّا وللشَّافعيِّ في عنقه طوق منه.
          وقال يحيى بن سعيد القطَّان: ما صلَّيت صلاة منذ أربعين سنة إلَّا وأنا أدعو للشَّافعيِّ؛ لما فتح الله له من العلم، ووفقه للسَّداد.
          قال الغزاليُّ في إحيائه(7) : قال المزنيُّ(8) : قرأت الرِّسالة خمسمئة مرَّة، ما من مرَّة إلَّا واستفدت منها فائدة جديدة. وفي رواية عنه: أنا أنظر في الرِّسالة منذ خمسين سنة، ما نظرت فيها إلَّا واستفدت شيئاً لم أكن عرفته.
          واشتهر جلالة الشَّافعيِّ في العراق، وبعد صيته، وسار ذكره في الآفاق، وأذعن لفضله الموافقون والمخالفون، وعظمت عند الخلفاء وولاة الأمور مرتبته، واستقرَّت عندهم جلالته وأمانته، وظهر من فضله في مناظرته أهل العراق وغيرها ما لم يظهر لغيره، وأظهر من بيان(9) القواعد ومهمَّات الأصول ما لم يعرف لسواه، وامتُحن في مواضع بما لا يحصى من المسائل، فكان جوابه فيها من الصَّواب والسَّداد بالمحلِّ الأعلى، / والمقام الأسنى، وعكف(10) عليه للاستفادة منه الصِّغار والكبار، من علماء أهل الحديث والفقه واللُّغة وغيرهم، ورجع كثيرون منهم عن مذاهب(11) كانوا عليها إلى مذهبه، كأبي ثور وابن راهويه _كما ذكرنا في ترجمته_ واسمه إسحاق، وخلائق لا يحصون، وترك كثير منهم الأخذ عن مشايخهم وكبار الأئمَّة لانقطاعهم إلى الشَّافعيِّ؛ لمَّا رأوا عنده ما لا يجدون عند غيره، وبارك الله له ولهم في تلك العلوم الباهرة ولله الحمد والمنَّة من ذلك ما روى ابن خلِّكان(12) قال: قال يحيى بن معين: كان الإمام أحمد ينهانا عن الشَّافعيِّ، ثمَّ استقبلته يوماً والشَّافعيُّ راكب بغلته، وهو يمشي خلفه، فقلت(13) له: يا أبا عبد الله، تنهانا عنه وتمشي خلفه؟! فقال: اسكت، لو لزمت البغلة انتفعت. وقال غير ابن خلِّكان: قال أحمد: ويحك، لو تعلم ما أعلم لمشيت مع البغلة في الشِّقِّ الآخر.
          وقال محفوظ بن أبي توبة: رأيت الإمام أحمد [عند الشَّافعيِّ،] في المسجد الحرام، فقلت: يا أبا عبد الله، هذا سفيان بن عيينة في ناحية المسجد يحدِّث، وتركته ولزمت هذا الفتى؟! فقال: إنَّ هذا يفوت، وذاك لا يفوت.
          وروى عن الشَّافعيِّ: أبو ثور، والإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وقد ذكرنا مناظرته مع الشَّافعيِّ في ترجمته، فراجعها.
          وأخرج للشَّافعيِّ أصحاب السُّنن الأربعة، وذكره البخاريُّ في صحيحه في موضعين، أحدهما في الزَّكاة في باب الرِّكاز [خ¦قبل 1499] حيث قال: قال مالك وابن إدريس: الرِّكاز دِفْنُ الجاهليَّة، في قليله وكثيره الزَّكاة، وليس المعدن بركاز. وثانيهما في البيوع [خ¦قبل 2192] فقال: قال ابن إدريس: (العَرِيَّةُ) لا تكون إلَّا بالكَيْل من التَّمر يداً بيد، ولا تكون بالجِزَاف.
          وإنما لم يخرج له البخاريُّ ومسلم لنزول إسناده عندهما، وإلَّا فإمامته وجلالته مجمع عليه، وأدرك البخاريُّ زمنه، ولكن ما اجتمع به، وصنَّف في العراق كتابه القديم، ويسمَّى كتاب الحجَّة، ورواته: الإمام أحمد، وأبو ثور، والزَّعفرانيُّ، والكرابيسيُّ _كما قاله النَّوويًّ وغيره_ وأسقط الرويانيُّ(14) ، وابن الرِّفعة في الكفاية الكرابيسيَّ، ثمَّ خرج الشَّافعيُّ إلى مصر، سنة تسع وتسعين ومئة، أو سنة مئتين، على اختلاف في ذلك، ولعلَّ القدوم كان آخر سنة تسع وأوَّل سنة مئتين، وصنع كتبه(15) الجديدة كلَّها بمصر، وانتشر ذكره، فقصده النَّاس من الشَّام والعراق واليمن، وسائر النَّواحي؛ للتَّفقُّه منه، وسماع كتبه، وأخذها منه، وساد أهل مصر وغيرهم، وابتكر كتباً لم يسبق إليها، ككتاب القسامة، والجزية، وقتال أهل البغي، وصنَّف في مناقبه: داود الظَّاهريُّ، والدَّارقطنيُّ، وابن حاتم، والحاكم، والبيهقيُّ، وغيرهم، وكتاب البيهقيِّ مجلَّدان ضخمان، اختصره النَّواويُّ بحذف الأسانيد.
          قال الرَّبيع: رأيت في المنام كأنَّ آدم صلعم مات، فسألت عن ذلك؟ فقيل: هذا موت أعلم أهل الأرض؛ لأنَّ الله تعالى علَّم آدم الأسماء كلَّها، فما كان إلَّا يسيراً، فمات الشَّافعيُّ ☺، وفتح الله على الشَّافعيِّ من العلم وهو صغير ما لم يفتح على غيره، حتَّى كان شيخه مسلم بن خالد الزِّنجيُّ، مفتي مكَّة يحثُّه على الفتوى، وهو ابن خمس عشرة(16) سنة، وسافر إلى بغداد، وأقام بها سنتين، ثمَّ عاد إلى مكَّة، فأقام بها أشهراً، واستصحبه أموالاً جزيلة، فإنَّه مرَّ على مالك بالمدينة، فشاطره على ما يملك من الكُراع والبغال والنَّقد، وفرَّق الجميع على أهل مكَّة؛ حتَّى إنَّه لقيته عجوز تواخيه في الله، / فركب الشَّافعيُّ بغلته، ووقع السَّوط من يده، فناوله شخص، فأعطاه ديناراً، فقالت له: كم معك؟ قال: خمسون ديناراً. قالت: أعطه الجميع. فامتثل أمرها، وأعطاه الخمسين، ودخل مكَّة، ولم يملك الدِّرهم الفرد، بل كان عليه دين، فبلغ الإمام مالك ذلك، ففرح بذلك، وأرسل إليه يحضُّه على تلك المكارم، وأهداه أيضاً، وقال: عليك بالبذل، وعلينا العطاء. فلمَّا مات مالك قال الشَّافعيُّ: ضاق عليَّ الحجاز. فسافر إلى مصر، قال: فقيَّض الله لي ابن عبد الحكم. وسيأتي أنَّه وصل إلى الشاَّفعيِّ من ماله وبدلاته أربعة آلاف دينار، وكان يقسم اللَّيل ثلاثة أثلاث، ثلث للعلم، وثلث للصَّلاة، وثلث للنَّوم.
          قال الرَّبيع: كان الشَّافعيُّ يختم القرآن في كلِّ يوم مرَّة، وفي رمضان يختم ستِّين مرَّة، كلُّ ذلك في الصَّلاة.
          قال الحسن الكرابيسيُّ: بتُّ معه غير مرَّة، فرأيته يصلِّي نحواً من ثلث اللَّيل، فما رأيته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر فمئة، وكان لا يمرُّ على آية رحمة إلَّا سأل الله تعالى لنفسه وللمؤمنين، ولا يمرُّ بآية عذاب إلَّا تعَّوذ منها، وسأل الله تعالى النَّجاة لنفسه وللمؤمنين.
          وكان يقول: ما شبعت منذ ستَّ عشرة(17) سنة؛ لأنَّه يثقل البدن، ويقسِّي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النَّوم، ويضعف صاحبه عن العبادة.
          وقال: ما حلفت بالله في عمري، لا صادقاً، ولا كاذباً.
          وسئل عن مسألة، فسكت، فقيل له في ذلك، فقال: حتَّى أعلم الفضل في السُّكوت أم في الجواب.
          وقال المزنيُّ: جاء الشَّافعيُّ إلى مالك، فقال: [إنِّي] أريد أن أسمع منك الموطَّأ. فقال مالك: تمضي إلى حبيب كاتبي، فإنَّه يتولى قراءته(18) ، فقال الشَّافعيَّ: تسمع منِّي رضي الله عنك ورقة، فإن استحسنت قراءتي قرأته عليك، وإلَّا تركت.، فقال له: اقرأ. فقرأ ورقة ثمَّ وقف. فقال (له) مالك: هيه. فقرأ ورقة ووقف، فقال مالك: هيه. فاستحسن قراءته، فقرأ عليه الموطَّأ أجمع، ثمَّ دعا له، وسُرَّ بذلك.
          قال الشَّافعيُّ: حملت عن محمَّد بن الحسن صاحب أبي حنيفة حمل بعير، ليس عليه إلَّا سماعي منه.
          قال الشَّافعيُّ: لم يكن لي مال(19) ، وكنت أطلب العلم في الصِّغر، فكنت أذهب إلى الدِّيوان أستوهب الظُّهور، فأكتب فيها.
          وقال: من ادَّعى أنَّه جمع بين(20) حبِّ الدُّنيا وحبِّ خالقها فقد كذب.
          قال الحميديُّ: هو أوَّل شيخ ذكره البخاريُّ في صحيحه، وهو تلميذ الشَّافعيِّ.
          خرج الشَّافعيُّ إلى اليمن في بعض أشغاله(21) ، ثمَّ انصرف إلى مكَّة، ومعه عشرة آلاف درهم، فضرب خيمته خارج مكَّة، فكان النَّاس يأتونه، فما برح من مكانه حتَّى فرَّقها جميعها(22) .
          ودخل حماماً بِحَرَّانَ _وهو غريب_ فجلس إلى الحلَّاق، فحلق شقَّ رأسه، ثمَّ دخل أحد أعيان البلد، فتركه الحلَّاق، وحلق رأس الدَّاخل أوَّلاً، ثم كمل للشَّافعيِّ، (فلمَّا خرج) دفع إلى الحلَّاق(23) جميع ما معه، وقال: إذا دخل عليك غريب فلا تُزْرِ(24) به.
          وكان ☺ حليماً جدًّا، خاط له بعض الخيَّاطين ثوباً، فضيَّق كُمًّا جدًّا، ووسَّع كمًّا، فقال: جزاك الله خيراً، هذا الكمُّ ضيِّق جيد للوضوء(25) والخدمة، وهذا الكمُّ لأجل الكتاب. وكان رسول الملك أتى الشَّافعيَّ بصُرَّة، فصادفه عند الخيَّاط، فقال: / ادفعها إلى الخيَّاط حقَّ خياطته وفكرته في تفصيله. فسأله عنه الخيَّاط، فقيل: هذا هو الشَّافعيُّ. فتبعه الخيَّاط، وقبَّل رجله، واعتذر إليه، وخدمه، وصار من أصحابه.
          قال الرَّبيع: تزوَّجت، فسألني الشَّافعيُّ كم أصدقتها؟ قلت: ثلاثين ديناراً. قال: كم أعطيتها؟ قلت: ستَّة دنانير. فبعث إليَّ أربعة وعشرين ديناراً، وجعل لي معلوماً على الأذان الجامع، سنة إحدى ومئتين.
          قال الشَّافعيُّ: أظلم الظَّالمين لنفسه من إذا ارتفع جفا على أقاربه، وأنكر معارفه، واستخفَّ بالأشراف، وتكبَّر على ذوي الفضل.
          وقرئ يوماً عنده { هَذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ*وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [المرسلات:35-36] فتغيَّر لونه، واقشعرَّ جلده، واضطربت مفاصله، وخرَّ مغشيًّا عليه، فلمَّا أفاق قال: أعوذ بك من مقام الكاذبين، وإعراض الغافلين، اللهم لك خضعت قلوب العارفين، وذلَّت هيبة المستأمنين(26) ، إلهي، هب لي جودك، وجلِّلني بسترك، واعف عن تقصيري(27) بكرمك.
          قال عبد الله بن محمَّد: كنت مع الإمام الشَّافعيِّ بشطِّ بغداد، فرأى شاباً يتوضَّأ، فقال له: يا غلام، أحسن وضوءك أحسن الله إليك. ثمَّ مضى، فأسرع الشَّابُّ في وضوئه، ثمَّ لحق الشَّافعيَّ، ولم يعرفه، فالتفت إليه، وقال: هل من حاجة؟ قال: نعم، علِّمني ممَّا علَّمك الله. قال: اعلم أنَّ من عرف الله نجا، ومن أشفق على دينه سلم من الرَّدى، ومن زهد في الدُّنيا قرَّت عيناه بما يرى من ثواب الله غداً، أفلا أزيدك؟ قال(28) : بلى. قال: من كان في قلبه ثلاث خصال فقد استكمل إيمانه: من أمر بالمعروف وائتمر، ونهى عن المنكر وانتهى، وحافظ على حدود الله تعالى، ألا أزيدك؟ قال: بلى. قال: كن في الدُّنيا زاهداً، وفي الآخرة راغباً، واصدق الله في جميع أمورك، تنج مع النَّاجين. ثمَّ مضى.
          قال الشَّافعيُّ: وددت أنَّ النَّاس ينتفعون بهذا العلم، ولم ينسب إليَّ منه شيء. وقال: ما ناظرت أحداً قطُّ إلَّا وقصدت أن [يوفَّق ويسدَّد ويعان، ويكون عليه رعاية من الله، وما كلَّمت أحداً قطُّ إلَّا وقصدت أن] يبيِّن الله الحقَّ على لساني أو لسانه. وقال: ما أوردت الحقَّ والحجَّة على أحد فقبلها منِّي إلَّا هبته، واعتقدت مودَّته، ولا كادني(29) أحد على الحقِّ، ودافع الحجَّة إلَّا سقط من عيني ورفضته.
          وكان ╩ عفيفاً عن اللَّغو والفحش، ومرَّ يوماً برجل يسفِّه على رجل من أهل العلم، فالتفت الشَّافعيُّ إليه، وقال: نزِّهوا أسماعكم عن سماع الخنا، كما تنزِّهون ألسنتكم عن النُّطق به، فإنَّ المستمع شريك القائل، وإنَّ السَّفيه لينظر إلى أخبث شيء في وعائه، فيحرص أن يفرغه في أوعيتكم، ولو رُدَّتْ كلمة السَّفيه لسَعِدَ(30) رادُّها كما يشقى قائلها.
          وسأل(31) عبد القاهر بن عبد العزيز الشَّافعيَّ(32) : أيُّما أفضل، الصَّبر، أم المحنة، أم التَّمكين؟ فقال الشَّافعيُّ: التَّمكين درجة الأنبياء، ولا يكون التَّمكين إلَّا بعد المحنة، فإذا امتحن وصبر مكِّن، ألا ترى أنَّ الله تعالى امتحن إبراهيم، ثمَّ مكَّنه، وامتحن موسى، ثمَّ مكَّنه، / وامتحن أيُّوب، ثمَّ مكَّنه، وكذلك سليمان، والتَّمكين أفضل الدَّرجات.
          قال عبد الملك: كنت (عند) الإمام أحمد، وجرى ذكر الشَّافعيِّ، فرأيته يعظِّمه، وقال: بلغني عن النَّبيِّ صلعم أنَّ الله يبعث على رأس كلِّ مئة سنة رجلاً، يقيم لهذه الأمَّة(33) أمر دينها، فكان عمر بن عبد العزيز على رأس المئة، وأرجو أن يكون الشَّافعيُّ على رأس المئتين.
          قال هارون بن سعيد الأيليُّ: ما رأيت مثل الشَّافعيِّ قطُّ، ولقد قدم علينا مصر، فقالوا: قدم رجل من قريش فقيه، فجئناه وهو يصلِّي، فما رأيت أحسن منه وجهاً، ولا أحسن صلاة، فافتتنَّا به، فلمَّا قضى صلاته تكلَّم، فما رأينا أحسن منطقاً منه، وكان يتكلَّم في الحقيقة أيضاً، وفي الزُّهد، وفي أسرار القلوب، وكان يقول: كيف يزهد في الدُّنيا من لا يعرف قدر الآخرة؟ وكيف يخلص من الدُّنيا من لا يخلو من الطَّمع الكاذب؟ وكيف يسلم من لا يسلم النَّاس من يده ولسانه؟ وكيف ينطق بالحكم من لا يرتدع بقول الله ╡؟
          وسأله بعض النَّاس عن الرِّياء، فقال له: أنت إذا خفت على نفسك العُجْب فانظر رضا من تطلب، وفي أيِّ نعيم ترغب، ومن أيِّ عقاب ترهب، وأيَّ عافية تشكر، وأيَّ بلاء تذكر؟          
          قال سويد بن سعيد: كان الشَّافعيُّ جالساً في مدينة(34) النَّبيِّ صلعم بعد صلاة الصُّبح إذ دخل عليه شخص، فقال: إنِّي أخاف من ذنوبي أن أقدم على ربِّي، وليس لي عمل غير التَّوحيد. فقال الشَّافعيُّ: يا مؤمن، لو أراد الله أن يؤيِّسك(35) من المسامحة لديه ما أحالك في مغفرة الذُّنوب عليه، حيث قال: { وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ } [آل عمران:135] ولو أراد عقوبتك وتخليدك في جهنم، ما ألهمك معرفتك وتوحيدك. فبكى الرجل، وأقبل على العبادة، وفرح بكلامه.
          وكان من دعائه: اللهم امنن عليَّ بصفاء المعرفة، وهب لنا تصحيح المعاملة فيما بيننا وبينك على السُّنَّة، وارزقنا صدق التَّوكُّل عليك، وحسن الظَّنِّ بك، وامنن علينا بكلِّ ما يقرِّبنا إليك، مقروناً بالعوافي في الدَّارين، يا أرحم الرَّاحمين.
          ولمَّا رأت ابنة الإمام أحمد كثرة دعاء والدها وثنائه على الشَّافعيِّ تمنَّت أن تراه، فاتَّفق مبيت الشَّافعيِّ عند الإمام أحمد، فلمَّا كان اللَّيل قام الإمام أحمد إلى وظيفة الصَّلاة والذِّكر، والشَّافعيُّ مستلق على ظهره، والبنت ترقبه إلى الفجر، فقالت لأبيها: أنت تعظم من لا صلاة له(36) باللَّيل، ولا ورد. فبينما هما كذلك إذا بالشَّافعيِّ، فقال الإمام أحمد: كيف كانت ليلتك؟ قال: أطيب وأبرك ليلة، رتَّبت فيها مئة مسألة، كلُّها في منافع المسلمين. ثمَّ ودَّعه ومضى، فقال أحمد لابنته: الذي عمله اللَّيلة وهو نائم أفضل ممَّا عملته وأنا قائم. فرضي الله عنهما.
          قال الشَّافعيُّ: كتب حكيم إلى حكيم: قد أوتيت علماً، فلا تدنِّس علمك بظلمة الذُّنوب، فتبقى في الظُّلمة يوم يسعى أهل العلم بنور علمهم.
          وروى سفيان بن عيينة حديثاً من الرَّقائق، فغشي على الشَّافعيِّ، فقيل لسفيان: قد مات؟ قال: فإن مات فقد مات أفضل (أهل) زمانه.
          وقال: من لم يصن(37) نفسه، لم ينفعه علمه. وقال: من أطاع الله بالعلم فَقُه(38) سرُّه، وما من أحد إلَّا وله محٌّب ومبغض، فإذا كان كذلك فكن مع أهل / طاعة الله.
          وقال: ما ناظرت أحداً فأحببت أن يخطئ. قال أبو ثور: ما رأيت، ولا رأى الرَّاؤون مثل الشَّافعيِّ.
          واعلم أنَّ النِّسبة إلى الشَّافعي شافعيٌّ، ولا يقال: شفعويٌّ، وإن وقع في الوسيط(39) وغيره، فإنَّه لحن [فاحش، وحفظ الشَّافعيُّ القرآن، وهو ابن سبع سنين، والموطَّأ، وهو ابن عشر سنين] ، وشافع بن السَّائب جدُّه الذي ينسب إليه، لقي النَّبيَّ صلعم وهو مترعرع، وأسلم السَّائب يوم بدر بعد أن أسر، وفدى نفسه، فقيل له: لم لم تسلم قبل أن تفدي نفسك؟ فقال: لم أحرم المؤمنين طمعاً لهم فيَّ؟ وكان صاحب راية بني هاشم يومئذ.
          قال الدَّميريُّ(40) : أذن له مالك في الإفتاء، وهو ابن خمس عشرة سنة. وقد مضى أنَّ الآذن كان الزِّنجيَّ، وهو الأكثر، ويمكن الجمع بأنَّ كلًّا أذن له في [ذلك] تلك السَّنة، وملأ الدُّنيا من العلم، وعليه الحديث النَّبويُّ المشهور(41) «عالم قريش يملأ الأرض علماً». وكان ☺ مجاب الدَّعوة، لا يعرف له كبوة(42) ولا صبوة.
          قال الشَّافعيُّ: دهمني أمر أمضَّني(43) وآلمني، ولم يطلع عليه غير الله، فلمَّا كان البارحة أتاني آت في منامي، فقال: يا ابن إدريس، قل: «اللهم إنِّي لا أملك لنفسي ضرًّا ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، ولا أستطيع أن آخذ إلَّا ما أعطيتني، ولا أَّتقي إلَّا ما وقيتني، اللهم فوفِّقني لما تحب وترضى من القول والعمل في عافية.» قال: فلمَّا أصبحت أعدت ذلك، فلم ينصرف النَّهار حتى أعطاني الله تعالى طلبتي، وسهَّل لي الخلاص ممَّا كنت فيه. قال: فعليكم بهذه الدَّعوات، لا تغفلوا عنها.
          وكان الشَّافعيُّ جمَّ المفاخر، منقطع القرين، جمع علوم الكتاب والسُّنَّة، وكلام الصَّحابة، واختلاف أقاويل العلماء، والعربيَّة، والشِّعر؛ حتَّى إنَّ الأصمعيَّ _مع جلالة قدره في هذا الشَّأن، قال النَّوويُّ: كان الأصمعيُّ يحفظ اثنتي عشرة(44) ألف أرجوزة_ قرأ على الشَّافعيِّ أشعار الهذليِّين، وكان قد اجتمع في الشَّافعيِّ ما لم يجتمع في غيره؛ حتَّى إنَّ الإمام أحمد قال في حقِّه: ما عرفت ناسخ الحديث ومنسوخه حتَّى جالست الشَّافعيَّ.
          قال كمال الدِّين الدَّميريُّ في ركن السَّلام(45) : إنَّ السُّنَّة أن تفصل بين التَّسليمتين؛ لأنَّ النَّبيَّ صلعم نهى عن المواصلة في الصَّلاة. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: ما كنَّا ندري ما المواصلة في(46) الصَّلاة حتَّى قدم علينا الشَّافعيُّ، فمضى إليه أبي، فسأله عنها، فقال: هي في مواضع، منها أن يقول الإمام: ولا الضَّالين. فيقول المأموم: آمين. معاً، منها أن يصل القراءة بالتَّكبير، (منها) أن يصل التَّسليمة الأولى الواجبة بالتَّسليمة الثَّانية(47) المستحبَّة، منها إذا كبَّر الإمام يكبِّر معه المأموم بحيث يسبقه ولو بحرف.
          قال الشَّافعيُّ: لمَّا دخلت بغداد نزلت باب الشَّام، فانصبَّ النَّاس إليَّ، واستووا في مجالسهم، فجاء أبو ثور بمسألة، فقلت: يا أبا ثور، الإيناس قبل الإبساس. فلم يدر ما قلت له، فقال: ما هو يا أبا عبد الله؟ فقلت: الإيناس مسح النَّاقة بيديك حول ضرعها، / والإبساس حلب ضرعها.
          قال أبو عبيد: ما رأيت رجلاً قطُّ أكمل من الشَّافعيِّ.
          قال الشَّافعيُّ: قدمت على مالك _وقد حفظت الموطَّأ_ فقال لي: أحضر من يقرأ لك. فقلت: أنا قارئ. فقرأت عليه الموطَّأ حفظاً، فقال: إن يك أحد يفلح فهذا الغلام. وكان ابن عيينة إذا جاءه شيء من التَّفسير أو الفتيا التفت إلى الشَّافعيِّ، وقال: سلوا هذا.
          قال ابن حسَّان الزِّياديُّ: ما رأيت محمَّد بن الحسن معظِّماً(48) أحداً من (أهل) العلم تعظيمه للشَّافعيِّ، ولقد جاءه يوماً، فلقيه وقد ركب محمَّد بن الحسن، فرجع محمَّد إلى منزله، وخلا به يومه إلى اللَّيل، ولم يأذن لأحد يدخل عليه.
          وعن البويطيِّ أنَّ الشَّافعيَّ كان في مجلس مالك، فجاء رجل واستفتاه، فقال: إنِّي حلفت بالطَّلاق الثَّلاث إنَّ هذا البلبل لا يهدأ(49) من الصِّياح. فقال له مالك: قد حنثت. فمضى الرَّجل، فالتفت الشَّافعيُّ إلى بعض أصحاب مالك، وقال: إنَّ هذه(50) الفتيا خطأ. فأخبر مالك بذلك، وكان مالك مهيباً، لا يجسر أحد أن يرادَّه، قال: وربَّما جاء صاحب الشَّرطة وقف على رأسه إذا جلس في مجلسه، فقالوا لمالك: إنَّ هذا الغلام يزعم أنَّ هذه فتيا إغفال، أو خطأ. فقال مالك: من أين قلت هذا؟ قال الشَّافعيُّ: ألست الذي رويت لنا عن النَّبيِّ صلعم في قصَّة فاطمة بنت قيس أنَّها قالت للنَّبيِّ صلعم: إنَّ أبا جهم ومعاوية خطباني. فقال النَّبيُّ صلعم: «أمَّا أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأمَّا معاوية فصعلوك لا مال له». فهل كانت عصا أبي جهم دائمة على عاتقه؟! وإنَّما أراد الأغلب من ذلك. فعرف مالك محلَّ الشَّافعيِّ ومقداره.
          قال أبو ثور: من زعم أنَّه رأى مثل محمَّد بن إدريس في علمه وفصاحته ومعرفته وثباته وتمكُّنه فقد كذب، كان منقطع القرين في حياته، فلمَّا مضى لسبيله لم يُعْتَضْ منه.
          قال الزَّعفرانيُّ: كان أصحاب الحديث رقوداً حتَّى جاء الشَّافعيُّ، فأيقظهم، فتيَّقظوا.
          وبالجملة ففضائله أكثر من أن تعدَّ، قال الرَّبيع: رأيت الشَّافعيَّ في المنام بعد وفاته، فقلت له: يا أبا عبد الله، ما صنع الله بك؟ قال: أجلسني على كرسيٍّ من ذهب، ونثر عليَّ اللُّؤلؤ الرَّطب. ولم يزل ناشراً(51) للعلم، ملازماً للاشتغال بجامع مصر العتيق، إلى أن أصابته ضربة شديدة، فمرض بسببها(52) أيَّاماً على ما قيل، ثمَّ انتقل إلى رحمة الله تعالى، وهو قطب الوجود، وله كرامات ظاهرة، منها: أنَّه لمَّا حضره الوفاة نظر إلى أصحابه، فقال للبويطيِّ: تموت في قيودك. فكان كذلك، فإنَّه سعي به إلى الخليفة، فحمل من مصر إلى بغداد في أربعين رطلاً من الحديد، ولم يزل محبوساً مقيَّداً إلى أن مات، وكان السَّاعي به ابن اللَّيث(53) الحنفيُّ، قاضي مصر، كان يحسده، فسعى به إلى الواثق أيَّام المحنة بالقول بخلق القرآن، وأريد منه القول بذلك، فامتنع، وقال للمزنيِّ: سيكون لك بعدي سوق. فعظم شأنه بعده عند الملوك فمن دونها، وقال لابن عبد الحكم: تنتقل / إلى مذهب أبيك. وكان مالكيًّا، وسببه أنَّه كان يروم أنَّ الشَّافعيَّ يستخلفه بعده في حلقته، فاستخلف البويطيَّ، وقال للرَّبيع: أنت راوي كتبي(54) . فعاش بعده نحو سبعين سنة؛ حتَّى صار تشدُّ(55) إليه الرِّحال من أقطار الأرض؛ لسماع كتب الشَّافعيِّ.
          وكان الشَّافعيُّ جهوريَّ(56) جدًّا، وفي غاية من الكرم والشَّجاعة والرَّمي، وصحَّة الفراسة، وحسن الأخلاق، وكان يقول: شربت ماء زمزم للرَّمي وللعلم وللمغفرة؛ فأمَّا الرَّمي فلا أخطئ، وأمَّا العلم فها أنا ذا كما تروني، وأمَّا المغفرة فالله أعلم.


[1] في (ن) تصحيفاً: (أبي شافع).
[2] في (ن): (خبايا).
[3] ما بين حاصرتين سقط من الأصول كلها ومكانه بياض وفي غير (ن) (كذا) إشارة إلى أنه هكذا هو في الأصل واستدرك من تاريخ ابن عساكر:51/285. وفيه: فمرَّ به رجل من بني عثمان، من الزُّبيريِّين، فقال.
[4] في (ن): (ثلاث عشر).
[5] في غير (ن): (وأخذ يشتغل).
[6] في (ن) تصحيفاً: (أيام).
[7] لم أجد هذا النقل في المطبوع من الإحياء.
[8] في (ن) تصحيفاً: (المدني).
[9] في غير (ن): (من شأن).
[10] في (ن): (وعلق).
[11] في (ن): (مذهب).
[12] وفيات الأعيان:4/164، وترجمته مع أخباره فيه.
[13] في غير (ن): (استقله.. فقال).
[14] في (ن) تصحيفاً: (الروماني).
[15] في (ن): (كبتها).
[16] في (ن): (خمسة عشر).
[17] في (ن): (ستة عشر).
[18] في الأصول كلها: (فإنه يقول: قرأته)، والمثبت من الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء:1/68 لابن عبد البر.
[19] في (ن) تصحيفاً: (لم يكن لي مالي).
[20] في (ن): (من).
[21] في (ن): (اشتغاله).
[22] في غير (ن): (جميعاً).
[23] في غير (ن): (للحلاق).
[24] في (ن): (فلا تزدري).
[25] في (ن): (الضيف جدا للوضوء).
[26] في غير (ن): (المشتاقين لك).
[27] في (ن): (واعف عني من تقصيري).
[28] في (ن): (قلت) وكذا الموضع بعده.
[29] في (ن): (كايدني).
[30] في الأصول (لشقي) والمثبت يوافق المعنى والمصادر، ينظر تاريخ دمشق لابن عساكر:51/183.
[31] في غير (ن): (وسئل).
[32] في (ن): (عن الشافعي) وهو تحريم.
[33] في (ن): (يقيم لها).
[34] في غير (ن): (بمدينة).
[35] في (ن): (أن يوليك).
[36] في (ن): (من لا له صلاة).
[37] في (ن) تصحيفاً: (يصف) وتكررت.
[38] في غير (ن): (تفقه).
[39] في غير (ن): (البسيط).
[40] النجم الوهاج:1/210.
[41] في (ن): (الحديث المشهور النبوي).
[42] في (ن): (كبيرة).
[43] في (ن): (مضني).
[44] في (ن): (اثني عشر).
[45] النجم الوهاج:2/173.
[46] في (ن): (حتى في الصلاة).
[47] في (ن): (الواجبة بالثانية).
[48] في غير (ن): (يعظم).
[49] في غير (ن): (لا يسكن).
[50] في (ن): (هذا).
[51] في (ن): (ولم يزل كان ناشراً).
[52] في غير (ن): (بها).
[53] في (ن): (أبو الليث) وهو في وفيات الأعيان 4/184: ابن ابي الليث.
[54] في (ن) تصحيفاً: (كثير).
[55] في (ن): (تشتد).
[56] في (ن): (جهور) وفي غيرها: (جوهري) والثبت هو الوجه (اللسان: جهر).